فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (١٤٠) وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ (١٤١) وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ
____________________________________
ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس وذكر نحوا من ذلك. ولئن لم تنهض الروايات حجة في ذلك فالآية ناطقة بما هو نحوه. ومقامها يقتضي ان يكون المراد من الموت المتمنى هي الشهادة (فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ) قيل رأيتم أسبابه من الحرب والقتال أقول وان الشهادة والقتل وبقاء الأبدان بلا أرواح امر مرئي ولا مانع من ان يراد ذلك مع انه اظهر واولى. والرؤية هي الاحساس بالباصرة (وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) والنظر غير الرؤية المتعدية إلى مفعولها بل هو اعمال الباصرة لأجل الرؤية ويكفي في بيان المغايرة انه لا يتعدى إلا بكلمة «إلى» كما عليه اللغة واستعمال القرآن الكريم اي رأيتموه لا صدقة وأنتم تعملون باصرتكم لأجل رؤية الحال والقتال والشهادة وموت الشهداء. ولا ضير في تمني الشهادة بعد العلم العادي بأن الدفاع في نصرة الدين لا بد فيه من ان ينال بعض المسلمين سعادة الشهادة وحياتها الأبدية خصوصا بعد ما يروى من ان النبي (ص) أخبرهم بأنهم يستشهد بعدد اسرى بدر واين هذا من تمني تسلط الشرك ونقص عدد المسلمين كما يذكر في الاشكال الواهي ١٤٠ (وَما مُحَمَّدٌ) صلىاللهعليهوآلهوسلم (إِلَّا رَسُولٌ) من البشر المقدر عليه الموت ببلوغ اجله (قَدْ خَلَتْ) ومضت وسلفت (مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ) دعاهم الله فأجابوا وهو مثلهم امره بيد الله يدعوه إلى دار السعادة والزلفى فيجيب (أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ) ناكصين عن الطاعة او الدين. والاستفهام للإنكار عليهم. وقد روى البخاري في باب الحوض وغيره في غيره ولعله من الحديث المعلوم بين الفريقين ان رسول الله (ص) اخبر بانقلاب ناس من أصحابه (وَمَنْ يَنْقَلِبْ) عن الطاعة او الدين (عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً) وإنما يهلك نفسه فإن الله غني عن العالمين (وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) لنعمته عليهم بالإيمان والشريعة إذ عرفوا ما لهذه النعمة من القدر العظيم فثبتوا عليها ١٤١ (وَ) لا تحسبوا ان الموت يأتيكم مصادفة واتفاقا من عروض العوارض بلا تقدير من الله فتتوهموا انه ينجيكم منه الحذر والفرار والقعود عن الجهاد بل (ما كانَ) ولم يثبت بل ولا يثبت (لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) ومشيئته وتقديره (كِتاباً) في التبيان والمجمع