لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (١٥٢) إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا
____________________________________
بما اقتضاه التقدير في احوال الحرب والتخاذل فيها فوكلكم إلى أنفسكم (لِيَبْتَلِيَكُمْ) اللام للغاية أي ومن غايات ما جرى ان يمتحنكم وتظهر اعمالكم فيرفع الله درجات الصابرين (وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ) أي عمن خالف ولم يصبر وهذا العفو من فضل الله ببركة ايمانكم (وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ١٥٠ إِذْ تُصْعِدُونَ) «إذ» ظرف لصرفكم والمراد فرارهم و «تصعدون» بضم التاء من «اصعد» بمعنى دخل وأخذ في الصعود إلى الجبال مثل «انجد واتهم» او دخل في الصعود في الأرض اي السير فيها قال حسان : «يبارين الأعنة مصعدات» وقال الآخر «هواي مع الركب اليمانين مصعد» ولا تلتفتون في فراركم واصعادكم (وَلا تَلْوُونَ) أبدانكم (عَلى أَحَدٍ) سواء كان داعيا منكم للثبات أو مستجيرا بأحدكم او عدوا محاربا (وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ) إلى نصره وجهاد المشركين. قيل وكان دعاءه صلىاللهعليهوآله إليّ عباد الله ارجعوا انا رسول الله (فِي أُخْراكُمْ) أخرى القوم الجماعة التي هي آخرهم والظاهر ان الجار والمجرور متعلق بيدعوكم كما يقال نادى في الناس. وهذا يقتضي بأن أوائلهم قد أمعنت بالفرار وبعدت فيكون الدعاء والنداء في أخراهم. ويجوز ان يكون حالا من الفاعل في «يدعوكم» أي حال كونه في الجماعة التي هي اخراكم من ناحية العدو والقتال والمراد منها الثابتين (فَأَثابَكُمْ) الله وهو عطف على صرفكم أي جزاكم. والثواب الجزاء على الطاعة والمعصية وان كثر استعماله في الطاعة (غَمًّا بِغَمٍ) في التبيان غما على غم وقيل مع غم. وفي تفسير القمي والدر المنثور في تفسير غما بغم ببيان السبب للغم روايات لا تنهض حجة للتعويل عليها خصوصا مع التعارض في روايات الدر المنثور. وفي الكشاف غما بسبب غم أذقتموه رسول الله بعصيانكم انتهى ولا حجة على ما قال وقال بعد ذلك ما حاصله يجوز ان يكون فاعل اثابكم هو رسول الله (ص) أي كما اغتممتم لما اصابه غمه ما نزل بكم وآساكم بغمه لتسليتكم (لِكَيْلا تَحْزَنُوا) الآية انتهى وهو اجنبي عن سوق الآيات وحال الواقعة. والغم معروف وان فسر بالحزن لكن الاستعمال والتبادر يشهدان بأنه عبارة عن حالة معروفة تعرض على الإنسان عند المصائب والحزن بضيق بها صدره وهي اقرب إلى معنى الكرب من الحزن (لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ) من