(١٧١) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (١٧٢) إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ
____________________________________
فقال ان القوم قد جمعوا لكم فقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فنزلت فيهم هذه الآية أقول ويمكن ان يكون امير المؤمنين (ع) مع النفر كانوا في مقدمة الطلب أو طلبوهم من حمراء الأسد ١٧١ (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ) ولا تخفى دلالة التفريع بالفاء على ان هذا الانقلاب بالنعمة والفضل كان من المسير الذي استجابوا به لله والرسول كما ذكر في الآيتين السابقتين فلا وجه ولا صحة لجعل المراد بالاستجابة هو المسير إلى حمراء الأسد والمراد من الانقلاب بالنعمة والفضل هو الرجوع من غزوة بدر الصغرى في العام الثاني كما في الرواية التي ذكر في الدر المنثور انها أخرجها النسائي وابن أبي حاتم والطبراني بسند صحيح من طريق عكرمة عن ابن عباس وجرى تفسير الكشاف على نهجها في التفريق على خلاف التفريع في الآية الكريمة (لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ) من حرب او نكبة (وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللهِ) في استجابتهم هذه. وهنيئا لمن دام على الإحسان والتقوى كما شرطه الله ففاز بسعادة الأجر العظيم (وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) ومن فضله وفقوا لهذه الاستجابة وانقلبوا بنعمة منه وفضل ١٧٢ (إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ) هذا تشجيع للمؤمنين على الاقدام على الجهاد وحاصله ان الذين أرادوا ان تخافوا المشركين بقولهم ان الناس قد جمعوا لكم انما نشأ من تسويل الشيطان ودسائسه في ترويج الضلال فإنه يخوف المؤمنين أولياءه الضالين حماية منه للكفر والضلال (يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ) تتعدى خاف إلى مفعول واحد تقول خفت الكلب وتتعدى بالتشديد إلى مفعول ثان كما تقول خوفني عمرو الكلب وقد يحذف المفعول الثاني كما تقول خوفني عمرو وقد يحذف المفعول الأول كما تقول خوف عمرو الكلب وكما في الآية فهي كما إذا قيل يخوفكم أولياءه كما يروى من قراءتي ابن عباس وابن مسعود ولكن لفظ «يخوف» في القراءة العامة أعم وأتم من الفائدة في مقام الذم لإبليس وعموم تخويفه للناس أولياءه وعموم أوليائه في النهي عن خوفهم بنحو يفيد البشرى بالأمن من شرهم لا خصوص قريش (فَلا تَخافُوهُمْ) أي اولياء الشيطان فإن الله ناصركم كما وعدكم ليقطع طرفا من الذين كفروا او يكتبهم فينقلبوا خائفين (وَخافُونِ) فإن السعادة في خوف العبد ربه