إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٣) وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (١٧٤) إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَلَهُمْ
____________________________________
وتقواه (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) بالله ووعده بالنصر وانه يجب ان يطاع في امره ونهيه وانه مالك أمر النفع والضر ، شديد العقاب واليه يرجعون : يا رسول الله ١٧٣ (وَلا يَحْزُنْكَ) بفتح الياء وضم الزاي يجيء «يحزن» بفتح الياء والزاي للقاصر وبضم الزاي للمتعدي وفي المصباح وهي لغة قريش أقول وعليها استعمال القرآن الكريم كما في هذه الآية وثمانية موارد من سائر السور وعلى هذه اللغة جاء محزون في اسم المفعول في اللغة العامة. والحزن معروف (الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ) ويقتحمون جامحين في وجوه ضلاله ونزغات غيه من دون تريث في اتباع الهوى ومحادة الله والتمرد عليه ولا ترو للنظر في حجج الإيمان ودلائل الحق ، ولا إصغاء إلى داعي الهدى. ومن المعلوم ان هؤلاء وأمثالهم قد خرجوا بتمردهم عن اهليتهم للطف الله ورحمة الرسول فلا يحزن الرسول رحمة لهم بل يحزن لمحادتهم لله وتمردهم على الإيمان به ولذا كانت تسلية الله لرسوله بقوله جل اسمه (إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً) فإن الله غني عن العالمين و «شيئا» واقع موقع المصدر أي شيئا من الضرر ولوقوعه في حيز النفي يفيد العموم. ولأجل ما ذكر من تمردهم ومسارعتهم في الكفر خرجوا عن اهلية اللطف وحرموا أنفسهم خيره فلأجل ذلك (يُرِيدُ اللهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا) أي نصيبا من الخير (فِي الْآخِرَةِ) أي يريد حرمانهم وعبر بالارادة تأكيدا لبيان وقوع الحرمان بأنه تعلقت به ارادة الله وما ربك بظلام للعبيد (وَلَهُمْ) فوق ذلك (عَذابٌ عَظِيمٌ) جزاء بما كانوا يكفرون ١٧٤ (إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ) بعد ما اتضحت حجج الحق وبراهين الإيمان من الفطرة والآيات ودعوة الرسول ونور الدلالة فكان الإيمان بعد ذلك كأنه في حوزتهم فرغبوا فيه وتركوه واختاروا الكفر كما يرغب المشتري عن الثمن ويستبدل به المبيع الذي يرغب فيه. ويحتمل ان يراد منهم في هذه الآية أولئك المسارعون في الكفر فتكون الآية تأكيدا للتي قبلها في الأمر الذي يناسب الحال تأكيده. ويحتمل ان يكون المراد من يعم أولئك المسارعين ومن هو دونهم في التمرد فتفيد الآية عموما وتأكيدا في ضمنه ولعله اظهر (لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ١٧٥ وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ)