عَذابٌ أَلِيمٌ (١٧٥) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (١٧٦) ما كانَ اللهُ
____________________________________
في أعمارهم وترخي لهم في آجالهم لا نعاجلهم بالعقوبة والإهلاك (خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ) اي لكل واحد بحسب نفسه التي هي أعز الأنفس عليه وأولاها بطلبه الخير لها. وليجري الكلام على هذا النص فلا يوهم ان الخير وازدياد الإثم يرجعان إلى المجموع كما لو قيل «لهم» (إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً) اللام في «ليزدادوا» للعاقبة مثلها في قوله تعالى في سورة القصص ٧ (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) والحصر في «إنما» إنما هو باعتبار العاقبة وان الاملاء لهم ليس في عاقبته ما داموا على الكفر خير (وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) يرون به هوانهم بما كفروا ١٧٦ (ما كانَ اللهُ) في الآية بحسب الأقوال وجوه «الاول» في الدر المنثور اخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ان الخطاب في هذه الآية للكفار وذكر احتمال ذلك في التبيان وكذا في مجمع البيان بنحو تشويش. ولم يذكره في الكشاف وتفسيري الرازي والمنار من اسناده فكأنهم لم يعتنوا به. ومقتضى تفسير أبي السعود ان مختار المحققين غيره. وعليه يكون المعنى يا ايها الكافرون ما كان الله بحسب لطفه بعباده ان يتركهم بلا إرسال رسول ولا دعوة حق ويذر المؤمنين على ما أنتم عليه من الكفر بل يقيم الحجة وينير البرهان فيؤمن الطيبون وان عاند أشقياء الضلال وطواغيت الكفر فيميز بذلك الخبيث بضلاله من الطيب الذي يختار هدى الإيمان وربما يستشهد لهذا الاحتمال بقوله تعالى في الآية الثانية في طرد الخطاب (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ) ولكن لا شهادة في ذلك إذ قد جرى أمثاله في خطاب المؤمنين كما في سورة النساء ٥٨ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ... إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) ١٣٥ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) ومحمد (ص) بعد خطاب الذين آمنوا في الآية الثانية وثلاثين ٣٥ (وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ) والأنفال في خطاب المؤمنين بخمس الغنائم (إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا) وغير ذلك. مضافا إلى ان الظاهر في خطاب القرآن كونه خطابا للمؤمنين وحمله على غيرهم يحتاج إلى قرينة وهي مفقودة فضلا عن كون السياق في الآيات المتقدمة لخطاب المؤمنين «الوجه الثاني» ان يكون الخطاب للمؤمنين والمراد بالخبيث هم المنافقون كما حكاه في التبيان والمجمع وقال به في الكشاف وبعض