خارقا للعادة (١) ١٨١ (قُلْ) يا رسول الله في بيان كذبهم في كلامهم من انهم يؤمنون بالرسول
__________________
(١) لكن صاحب المنار عدل عما ذكرناه من ظهور الآية المقارب للصراحة وفسرها بما حكاه عن استاذه من قوله يجوز وهو الأظهر ان يكون المعنى ان يفرض «أي في شريعته» علينا تقريب قربان يحرق فقد كان في احكام الشريعة عندهم أن يحرقوا بعض القربان بالنار انتهى والتلميذ قبل ذلك في استشهاده ذكر التسعة اعداد الأول من الفصل الأول من سفر اللاويين الى ان قال فمن هنا تعلم انهم كانوا يوقدون النار بأيديهم ويحرقون بها القرابين ولكن اليهود كانوا يلقون إلى المسلمين اخبارا من خرافاتهم او مخترعاتهم ليودعوها «يعني المسلمين» في كتبهم ويمزجوها بدينهم ولذا تجد في كتب قومنا من الإسرائيليات ما لا أصل له في العهد القديم ولا يزال يوجد فينا من يقدس كل ما روي عن اوائلنا في التفسير وغيره ويرفعه عن النقد والتمحيص ولا يتم تمحيص ذلك إلا لمن اطلع على كتب بني إسرائيل انتهى فلينظر من الجزء الرابع من تفسيره في الصفحة ال ٢٦٧ و ٢٦٨ وليت شعري إذا كانت التوراة الرائجة تعلم منها الأمور ويستشهد بها كما استشهد وأن تمام التمحيص يكون لمن اطلع على كتب بني إسرائيل فلما ذا لم يمحص آراء التجدد ويرفعها إلى النقد بما صرحت به هذه التوراة وكتب العهد القديم من نزول النار من السماء او خروجها من الصخرة بالنحو المعجز الخارق للعادة فتحرق القربان وتأكله كما تذكر انه جرى هذا الخارق للعادة لموسى وهارون كما في العدد الرابع والعشرين من الفصل التاسع من سفر اللاويين. ولجدعون كما في العدد الحادي والعشرين من الفصل السادس من سفر القضاة. ولداود كما في العدد السادس والعشرين من الفصل الحادي والعشرين من سفر الأيام الاول. ولسليمان كما في العدد الأول من الفصل السابع من سفر الأيام الثاني. ولا يليا كما في العدد الثامن والثلاثين من الفصل الثامن عشر من سفر الملوك الأول.
ومما يلزم الالتفات اليه هو ان الآية والتي بعدها لا يخفى من سوقهما كما يقتضيه حال هؤلاء الكاذبين المكذبين المتمردين القائلين «ان الله عهد إلينا ان لا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار» انهم يريدون بقولهم هذا ان يتعللوا ويستريحوا من دعوة الرسول بأن يعلقوا إيمانهم على أمر يعتقدون بعنادهم انه بعيد إذن فكيف يعلقونه على تشريع إحراق القرابين. فإنهم ان كانوا يعرفون انه رسول الله ويعاندون دعوته تعصبا لم يأمنوا ان يأتي في شريعته بإحراق القرابين وان كانوا يكذبونه لم يأمنوا ان يشرع بزعمهم كذبا ومصانعة لهم. وايضا ان الذي جاءهم وفرض عليهم تقريب قربان يحرق إنما هو موسى على ما تقول التوراة الرائجة ولم يقتل. والقرآن يقول ان الذين جاؤوا بقربان تأكله النار وقتلوهم هم رسل متعددون فلا مساغ لصرف الآية عن ظهورها ـ