رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ (١٩٠) رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (١٩١) رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ (١٩٢) رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا
____________________________________
وعابدين له بشهادتهم واعترافهم قائلين (رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا) المخلوق (باطِلاً) وأنت العليم الحكيم (سُبْحانَكَ) تقديسا وتنزيها لك (فَقِنا عَذابَ النَّارِ) ولعل ذلك من أجل ما يشاهدونه من الحكمة وآثار العظمة وعظيم النعمة على الإنسان فيأخذهم الخوف من التقصير في طاعة الإله وعبادته وشكر نعمه فيسألون منه التوفيق الذي يقيهم عذاب النار معترفين بأن في دخول النار خزيا وفصيحة تكشف عن خبث وسوء اعمال ١٩٠ (رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ) في الكشاف أي أبلغت في اخزائه ونحوه في كلامهم من أدرك مرعى الضمان فقد أدرك. ومن سبق فلانا فقد سبق. وهو حسن. وعليه يخرج ما أخرجه ابن جرير والحاكم عن جابر قوله «وما أخزاه الله حين أحرقه بالنار وإن دون ذلك خزيا» بأن يكون المراد ما أحدث اخزاءه حين أحرقه بالنار بل الاخزاء بدخولها أشد أقسام الاخزاء وأفظعها (وَما لِلظَّالِمِينَ) اي هؤلاء الذين يدخلون ويخزون وأشير إليهم بهذه الصفة بيانا لأنهم ظلموا أنفسهم إذ أوقعوها بكفرهم وعصيانهم في استحقاق النار (مِنْ أَنْصارٍ) ومن ذا الذي ينصرهم على الله ١٩١ (رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ) أي سمعنا ما نادى به وهو معنى قوله (أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ) خالقكم ومربيكم ومدبر أموركم (فَآمَنَّا) في مجمع البيان عن ابن عباس وابن مسعود المنادي هو رسول الله (ص) وبذلك فسره القمي. وفي الدر المنثور عن محمد بن كعب القرطي «هو القرآن ليس كل الناس يسمع النبي «ص» وكأنه رأي منه فهو مردود عليه بأن المسموع ما نادى به وهو ما يعم حكاية دعوته كقوله في سورة التوبة ٦ (حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ) ولو أبقى المنادي على إطلاقه لينطبق على جميع الرسل وتشمل الآيات كل ما تنطبق عليه من مؤمني الأمم لكان انسب بسياق الآيات وربما يشهد له قوله تعالى في الآية الآتية (عَلى رُسُلِكَ رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا) اي ولنكن عند أخذك لنا (مَعَ الْأَبْرارِ) وفي زمرتهم ١٩٢ (رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا) اي وفقنا للايمان والتقوى والعمل الصالح لنكون أهلا لما وعدتنا