ابى جوده لا البخل واستعجلت به |
|
نعم من فتى لا يمنع الجود قاتله |
نعم لم يوافقهم الزمخشري على زعمهم لزيادة (لا) في قوله تعالى في سورة الأنعام ١٠٩ (وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ) وقوله تعالى فيها ١٥٢ (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا). ومن شواهد ذلك انك سمعت كلام الكشاف في دخول لا النافية على القسم واستفاضته في كلامهم وأشعارهم وما ذكره من الشواهد في الشعر ومع ذلك قال في تفسير سورة النساء في قوله تعالى (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ) معناه فو ربك كقوله تعالى (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ) و «لا» مزيدة لتأكيد معنى القسم كما زيدت في (لِئَلَّا يَعْلَمَ) لتوكيد وجوب العلم انتهى ... فانظر فيه واعتبر وقل أين ما ذكرته من الاستفاضة واين مضى الاستشهاد بالشعر. ولو لا الحمل على التحامل لذكرنا عن الكشاف وغيره اكثر من ذلك وفي ذلك كفاية لأولي الألباب : ومن ذلك ما نقله السيد الرضي في حقائق التأويل من قول بعضهم بزيادة الواو في قوله تعالى في سورة آل عمران ٨٥ (وَلَوِ افْتَدى بِهِ). وابراهيم ٥٢ (وَلِيُنْذَرُوا بِهِ). والزمر ٧٣ (وَفُتِحَتْ أَبْوابُها). أقول ولمثل هذه الواو في القرآن موارد وهي فيها كلها واو العطف على محذوف يدل عليه سياق القرآن بكرامة نهجه وبراعة أسلوبه في مناحي البلاغة ويجلوه المقام باشراق تلك البراعة بأجلى المظاهر كما سيأتي التنبيه عليه في موارده ان شاء الله. ومن شواهد ذلك مما جناه القصور ان جماعة وقفوا عن الوصول في بعض ما في القرآن الكريم من فرائد البراعة وفوائد البلاغة حتى صار يلوح من ترددهم ان ذلك مخالف لقواعد العربية فاغتنم اعداء القرآن من ذلك فرصة الاعتراض وقد ساعد التوفيق على التعرض لتلك الاعتراضات وبيان خطأها بإيضاح براعة القرآن الكريم في مواردها بأسرار البلاغة ولباب الأدب العربي وبواهر اساليبه وقد كتب شيء من ذلك في الجزء الأول من كتاب الهدى وفي خصوص المقدمة الثالثة عشرة من صفحة ٣٢١ حتى آخره ... ومن شواهد ذلك ان كثيرا من مجازات القرآن الكريم واستعاراته للواضحة العلاقة والفائقة في لحاظ التشبيه ومرمى الإشارة والمؤيدة بأحكام العقل ومحكمات الكتاب هذه الاستعارات التي كانت من ازهار الأدب العربي الغريزي حين ما كان روضه زاهيا زاهرا عادت بعد ما ذوى خميله معركة للآراء وهدفا للجحود وإن حامت عنها محكمات الكتاب ونصرتها البراهين العقلية في تقديس الله وتفرده بالكمال. فمن ذلك ما في القرآن من نسبة الإضلال إلى الله جل اسمه في عدة آيات منها السابعة والعشرون