بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الم (١) ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ
____________________________________
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مرّ تفسيرها في سورة الفاتحة
١ (الم) علم معناها عند الله ورسوله ومستودعي علمه وأمنائه على وحيه. ولا غرو في ان يكون في القرآن ما هو محاورة بأسرار خاصة مع الرسول وأمناء الوحي (ذلِكَ الْكِتابُ) القرآن أشير اليه باشارة البعيد لرفعة مقامه وعلو شأنه وذلك متعارف عند العرب في الإشارة الى العظيم الرفيع الشأن (لا رَيْبَ فِيهِ) ليس فيه محل للريب ولا ينبغي الريب في أمره. او ليس فيه شيء مريب بل هو (هُدىً) بالفعل وموصل الى حقيقة الدين وشريعة الحق وأركان الإيمان (لِلْمُتَّقِينَ) لله الذين من تقواهم يقبلون على القرآن ويتبعونه حق الاتباع ويأتمرون بأوامره وينتهون بنواهيه ويتأدبون بآدابه ويسترشدون بمعارفه. والاتقاء مأخوذ من الوقاية يقال اتقى السيف بالدرقة أي اتقى ما يخاف منه وفي الآية الثانية والعشرين (فَاتَّقُوا النَّارَ) و ٤٦ (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي) وتقوى الله عبارة عن اتقاء ما يخاف منه كغضبة وعذابه فيتقى ذلك بطلب رضاه وطاعته في أوامره ونواهيه. واطلاق التقوى في وصفهم يدلّ على انها صفة عامة ثابتة لهم وملكة راسخة كالعالم والفقيه. و (الَّذِينَ) في الآية الآتية وكذا التي بعدها ليست مبتدأ وخبره جملة (أُولئِكَ عَلى هُدىً) كما احتمل في بعض التفاسير بل هي صفة للمتقين ٢ (الَّذِينَ) من قوتهم في التقوى والإيمان بالحق واتباع الدليل والهداية (يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) مما لم يروه ولم يحسوا به بل يحصل لهم يقين الإيمان بالحجة من كتاب الله وقول من قامت الحجة على عصمته وذلك كالبعث والنشور والوعد والوعيد والجنة والنار واحوال القيامة والنعيم والعذاب. ومن مصاديق المؤمنين بالغيب. المؤمنون بقيام المهدي المنتظر عجل الله فرجه كما في الرواية عن اهل البيت (ع) (وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ) يواظبون عليها في أوقاتها قائمة على حدودها وشروطها وإخلاصها في العبادة والرغبة إلى الله في مناجاته والمثول في طاعته بحضرته (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ) من مال بل وعلم كما في رواية أهل البيت (يُنْفِقُونَ) كما فرضه الله عليهم أو ندبهم اليه من البر والإحسان بالتعليم والبيان. وينفقونه على حين معرفة منهم واعتراف بأنه رزق الله ونعمته عليهم فيكون إنفاقهم أدخل في الطاعة المقرونة بالشكر وأقرب الى المعرفة والإحسان والدوام ٣ (وَالَّذِينَ) صفة اخرى