(٣٠) وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً
____________________________________
لا تخلنا على غراتك انا |
|
قبل ما قد وشى بنا الأعداء |
فحذف المفعول الثاني وهو نهاب الملك أو نبالي به ونحو ذلك. أو حذف خبر «إنا» بهذا المعنى. أو كليهما فحذف المفعول الثاني بالمعنى المتقدم وخبر «إنا» بما يريد ان يتصوره السامع من التهويل بالتحمس. وقال آخر
إذا قيل سيروا ان ليلى لعلها |
|
جرى دون ليلى مائل القرن أغضب |
فحذف خبر «لعل» لنكتة آثرها فيما يتمناه من ليلى. وقال عبيد بن الأبرص يخاطب
امرء القيس نحن الأولى فاجمع جمو |
|
عك ثم وجههم إلينا |
فحذف الصلة ليحضر في ذهن السامع ما يريده الشاعر من وجوه الحماسة والتهويل.
وقد جمعنا في هذه المقدمة بعض الشواهد للحذف وأغراضه السامية لنحيل عليه في الاستشهاد لما يأتي من فرائد القرآن الكريم في وجوه البلاغة وبراعة البيان : هذا وقد استفاضت الرواية عن أهل البيت عليهمالسلام في انه كان قبل آدم في الأرض نوع من الخلق قد أفسدوا وأهلكوا كما في رواية علي بن ابراهيم في تفسيره في الصحيح عن أبي عبد الله عليهالسلام والقوي عن الباقر (ع) عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهمالسلام ورواه الصدوق أيضا في العلل. ورواية تفسير البرهان عن العياشي عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع) والعياشي عن علي بن الحسين وعن عيسى بن حمزة عن أبي عبد الله. وروى ذلك الحاكم في مستدركه من طريق الجمهور وصححه عن ابن عباس. وأخرجه الطبري في تفسيره أيضا ولما ذكر الله خلقه للأرض وما فيها لينتفع الإنسان بذلك وذكر خلق السماوات ذكر ابتداء خلقه للإنسان وما جرى في ذلك من الشؤون وما في خلق الإنسان من الحكمة والكرامة لبعض أفراده ذوي الفضل فقال عزوجل ٣٠ (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) «إذ» ظرف وعامله محذوف يفسره قوله تعالى «قالوا» إلى آخر القصص كما يأتي ان شاء الله. وجاعل خالق من أجعله خليفة. والخليفة من يخلف غيره ويجوز أن يكون المراد من يخلف الخلق السابق المذكور في الروايات المشار إليها. وقيل ان «إذ» مفعول به أي اذكر في القرآن ذلك الحين للناس كقوله تعالى (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ) ولكن يلزم من هذا القول ان يكون