وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ (٣٧) فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٣٨) قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً
____________________________________
واللباس والعيش الرغيد (وَقُلْنَا اهْبِطُوا) الخطاب لآدم وحوا وإبليس. وإذا كان إبليس هابطا الى الأرض قبل ذلك جاز هذا الخطاب بمعنى تساووا في الهبوط منها (بَعْضُكُمْ) إبليس وآدم وحوّا او ذريتهما (لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) وعداوة البشر لإبليس باعتبار النوع وان أطاعه بعض الناس (وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ) اسم مكان أي موضع استقرار ومصدر والاستقرار معروف (وَمَتاعٌ) اسم لما ينتفع به (إِلى حِينٍ) محدود لكل بموته حتى إبليس عند الصعقة الأخيرة قريب القيامة والبعث ٣٧ (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ) التلقي هنا أخذ آدم للكلمات من الله باستقبال وقبول وتعلم وعمل. ومقتضى السياق هو ان آدم ندم على مخالفة الله في أمره الارشادي وأراد التوبة والرجوع الى مقام الأولياء المتبعين لإرشاد الله في العمل والترك وصار يحاول الوسائل التي يتوب الله بها عليه فيعلمه الله كلمات توقفه في مقام المنيبين وتعرفه فضيلة ذوي الفضل. وقد روي من طرق الفريقين انه نحو من الدعاء وفي الدر المنثور مما أخرجه الديلمي في الفردوس مسندا عن علي عليهالسلام دعاء فيه اللهم إني اسألك بحق محمد وآل محمد مكررا. ومما أخرجه ابن النجار والبيهقي مسندا عن ابن عباس عن رسول الله «ص» سألته عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه قال سئل بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام فتاب عليه وروي من طريق الإمامية نحو ذلك كما رواه الكليني والصدوق عن ابن عباس ومرفوعا والعياشي نحوه عن عبد الرحمن بن كثير عن الصادق عليهالسلام وعنه ايضا مرسلا. ولا منافاة بين روايات الدعاء وروايات الاستشفاع بأهل البيت لجواز الجمع بينهما (فَتابَ عَلَيْهِ) فرجع عليه بالرحمة ولطف الإرشاد وقرب المنزلة والزلفى (إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) ولأجل الاختصار لم تذكر هنا توبة حوّا ولأنها معلومة مذكورة في سورة الأعراف المكية ٢٢ ٣٨ (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً) كرر ذكر الأمر بالهبوط لأجل ان يذكر ما كان مرتبطا به من الكلام كما تدل على ذلك سورة طه المكية ١٢١ و ١٢٢ فقد جمع فيها ما بعد الأمرين بالهبوط هنا بعد امر واحد. وجميعا يراد منه ايضا ذرية آدم باعتبار هبوط أبويهم (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً) اما شرطية