وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٥٨) وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (٥٩) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ
____________________________________
المعصية (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) بمعاصيهم ٥٨ (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ) لا اعرف قرية في زمان موسى (ع) أمروا بدخولها ودخول بابها سجدا على ما هو مذكور في الآية في نسق هذه القصص ومن البعيد جدا أن يراد بها الخيمة التي نصبها موسى في البر وقدسها للعبادة (١) إذ لا يناسبها اسم القرية ولا قوله تعالى (فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً) نعم يناسبها ان تكون قرية بيت المقدس الذي بناه سليمان وكان بنو إسرائيل يأتونها في مواسمهم للعبادة ويتمتعون فيها بالرغد والأمن. ويمكن أن يكون هذا القول من الله قد جاء في الوحي إلى موسى (ع) فإن التوراة الرائجة تذكر ان موسى (ع) كان يذكر لهم من وحي الله احكام مجيئهم إلى المكان الذي يختاره الله بعد الخيمة كما في سفر التثنية متفرقا من الفصل الثاني عشر إلى الحادي والثلاثين. ولا بعد في ان يوجد في هذه التوراة المحرفة شيء من انقاض التوراة الحقيقية والله العالم بحقائق الأمور (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً) جمع ساجد ولعل المراد باب بيت المقدس والمعنى ان دخولكم يكون للسجود والعبادة والاستغفار كما هو شأن المساجد (وَقُولُوا حِطَّةٌ) بالرفع خبر لمحذوف اي سجودنا وعبادتنا حطة لذنوبنا والجملة خبرية يراد بها الدعاء أي اجعل سجودنا وعبادتنا سببا لحط ذنوبنا عنا يقال حط الحمل من الدابة أي ازاله وأنزله عنها (نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ) بأعمالهم على المغفرة بالثواب ٥٩ (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ) وقالوا ما لا يرجع إلى الاستغفار وطلب الحط لأثقال ذنوبهم عنهم. ولعل من مصداق ذلك انهم حذفوا الأمر بالعبادة والاستغفار ودوام السجود في بيت المقدس وبدلوه بأن الله أمرهم في التوراة بأنهم إذا لم يقدروا ان يحملوا زكواتهم ان يبيعوها بفضة وينفقوها في بلد بيت المقدس
__________________
(١) ذكرت في دعاء السمات بعنوان قبة الزمان بالزاي المعجمة وإن كان الناس يقرءونها قبة الرمان بالراء المهملة وهذا ترجمة حرفية لاسمها في التوراة العبرانية الرائجة «اهل موعد» اهل. قبة. وموعد. الزمان. والمترجمون للتوراة يترجمونها تحريفا بخيمة الاجتماع إلا طبعة قديمة بيروتية ترجمتها في بعض الموارد قبة الزمان