(٦) وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ
____________________________________
٦ (وَابْتَلُوا الْيَتامى) الذين لهم اموال محجوبة عن تصرفهم لصغرهم وامتحنوهم وجربوهم ، بممارسة أمرهم لاستكشاف رشدهم ولياقتهم لصون أموالهم على النهج العقلائي النوعي بما يحصل به الامتحان ويتوقف عليه ولو بأن يدفع إلى اليتيم شيء من المال مع الاذن بالتصرف فيه والمراقبة له في تصرفاته المأذون له فيها. ولا دلالة في الابتلاء بوجه من الوجوه على ان يخلي بين اليتيم وبين المال ليتصرف فيه بلا اذن ولا مراقبة في التصرفات بل ان تعليق الدفع على البلوغ وانس الرشد يدل على ما قلناه. وليكن هذا الابتلاء قبل البلوغ ليعطي الرشيد ماله أول بلوغه كما هو حقه فإن حصول الرشد لا يتوقف على البلوغ بل يمكن حصوله متدرجا من حين التمييز ويعرف بالامتحان والابتلاء (حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ) اي الحالة والصفة التي قدرها الله لنوع الإنسان في تطورات نشأته ونموه وهي ان تحدث فيه مادة التناسل وهو المني بحسب نوعه ودم الحيض في رحم الأنثى فيكون بذلك صالحا للزاوج مائلا اليه بحركة مادة التناسل إلى الرغبة النوعية فيه. ولحدوث تلك الحالة وتلك الصفة أمارات تدل عليها تكون العبرة بأولها حصولا. منها هيجان تلك المادة وخروج المني ماء الشهوة المعروف بأحد المحركات كالجماع ونحوه او بتخيله في النوم وهو الاحتلام. ولأن الغالب تقدم الاحتلام على الجماع ونحوه جعل القرآن الكريم بلوغه هو العنوان في قوله تعالى في سورة النور ٥٧ (الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ) ٥٨ (وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ). وربما يتأخر المحرك لخروج المني فتكون العبرة في الأنثى بخروج دم الحيض منها وإذا تأخر ذلك كان حملها كاشفا عن بلوغها. وإذا تأخر ظهور هذه الإمارات أخذ بالسن وهو في الذكر إكمال خمسة عشر سنة هلالية على المشهور عندنا بل هو اجماع إذ لم يعهد البقاء على الخلاف الا من ابن الجنيد. ولو لم يكن اجماعا فهو شهرة تعضد ما توافقه من الحديث وتوهن ما تخالفه. وعلى المشهور معتبرة العبدي بالحسن ابن محبوب وروايات الكناسي عن الباقر (ع) وصحيحا ابن وهب عن الصادق (ع) ونحوهما وروايات الخصال في مرسلة ابن عامر عن الصادق. والروايات المعارضة ان لم تقبل التأويل بإمكان ان تظهر الإمارات المذكورة قبل الخمسة عشر سنة فهي مطرحة لمخالفتها المشهور واعراض القدماء عنها. وفي الأنثى إكمال تسع سنين بإجماعنا وما أشرنا اليه من رواية العبدي : ومن