عنها عوارض التلف مع أن فيها الأعيان المأكولة من اليتامى السابقين أو عهدة ضمانها. فيتلفها الله بمقاديره وله ما في السماوات والأرض. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية ما حاصله أن الذي يخاف على أيتامه الضيعة وأن يسيء إليهم من يلي أمرهم فليحسن إذن إلى أيتام الناس إذا وليهم ولا يأكل أموالهم ـ ومن الأحاديث ـ ما في الدر المنثور مما أخرجه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس ان الآية في الرجل يسمع المريض يوصي بوصية تضر بورثته فأمره الله ان يرشد المريض ويسدده بالنظر إلى ورثته وما أخرجه ابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس ما حاصله ان من حضر مريضا فلا يأمره بإنفاق ماله في العتق والصدقة بل ينظر لأيتام المريض كما ينظر لأيتام نفسه. ونحوه ما أخرجه ابن أبي حاتم ايضا عن ابن عباس ـ أقول ـ وان مفاد الآية الكريمة بالنظر إلى مفرداتها وجملتها وكرامة حجتها في تمثيلها المجيد لهو أعم مما ذكر. وملخص الكلام هو ان الغالب من نوع الإنسان من لا يزن الأمور الضارة بميزانها من القبح والمرجوحية ولا يرى وجوب تركها او رجحانه إلا إذا مسته بضررها او تمثل له في مفكرته انه يبتلي بها وتمسه بضررها المزعج. فشاء الله بلطفه إصلاحه لشؤون عباده وتنبيههم وإرشادهم للخير وتحذيرهم من التعدي على اموال اليتامى. او إهمال أمرهم. او الإجحاف بهم. او الحمل على الإجحاف بهم. او السكوت عن ارشاد المجحف ونهيه. فاستلفت الله بحكمته الإنسان إلى انه ماذا يقول وما هو حاله وماذا يقدر من انتقام الله وغضبه إذا فرض في مفكرته انه ترك من بعده ذرية له ضعافا وأيتاما صغارا وهو يرى حالهم ومن يأكل أموالهم. او يرى من يعين هذا الآكل على ظلمه. او يرى من يقدر على منع الظالم ولا يمنعه. او يرى من يقدر على ارشاد أيتامه وإصلاحهم فلا يفعل. او يرى ضياع ذريته وتلف أموالهم حيث أهمل الوصية كما ينبغي او حابى بالوصية من لا يثق به من اصدقائه او أقربائه او زوجته. او يرى العاقبة حيث ان بعض الناس ورّطه في انفاق ماله في العتق والصدقة وترك أيتامه عالة يتكففون. او يرى من سمع المنفق المعتق ولم يرشده إلى أن رسول الله نهى عن ذلك. اذن فالذين تستلفتهم الآية إلى تقدير ابتلائهم في أيتامهم بهذه الحوادث الكونية فيتألمون منها ويقدرون لها ما يقدرونه من الانتقام وسائر المحاذير. هؤلاء ليخشوا في أمثال هذه الأمور ومواردها وليخافوا من يجب ان يخشى وهو الله شديد الانتقام وليخشوا ما ينبغي ان يخشى من الانتقام