القاعدة المستفادة من سير المواريث والمعقولة من إرث الأقارب هو انه إذا كان لقريب مقام ارث مع قريب آخر لا يحجبه عن هذا المقام وجود وارث ثالث بل غاية ما في وارثيته انه يزاحمهم فلا يكون وجود الأب مانعا عن مشاركة الاخوة للام لو كان لهم معها مقام ميراث كما توضح ذلك آيات الأقربين وأولي الأرحام ـ لا يقال ان عموم تلك الآيات معارض بإطلاق هذه الآية في ارث الاخوة مع عدم الولد ـ لأنا نقول ان عموم تلك كالمعلل بجهة الاقربية وأولوية الرحم بل هو معلل في الحقيقة ومآل سوقه فيقوى قوة لا يعارضه فيها الا النص وأما الذي في هذه الآية فهو اطلاق موهون بخروج الكثير من افراده في صور وجود الأب منفردا ومع الام مع ان الأخذ بالإطلاق لا يتجه إلا مع عدم البيان وتلك العمومات مع قوتها وجهة تعليلها كافية في البيان الذي يقف امام الإطلاق. إذن فموضوع الإطلاق مختص بالصورة التي لا يوجد فيها من هو أقرب من الاخوة ويكشف عن ذلك انهم لا يرثون مع الأب المنفرد وهو في هذه الصورة ليس بذي فرض وإنما قدم على الاخوة بكونه أقرب وأولى منهم فكذا الام لعين العلة. واما مسألة الإرث معها بالتعصيب فسيأتي ان شاء الله بطلانه ـ لا يقال ان الإجماعات المتقدم ذكرها كافية في بيان الآية فيؤخذ بمطلقاتها في غير موارد الإجماع ـ لأنا نقول لا مناص في تدبر القرآن من استيضاح دلالة بعضه ببعض والنظر في وجوه الدلالة. مضافا إلى ان قوله تعالى في نفس الآية «يبين الله لكم ان تضلوا» يدل على ان الآية حين وحيها كانت محفوفة ببيان الله في كتابه الكريم بالدلالة على تقيد موضوعاتها على ما ذكرناه لا موكولة إلى صدفة اجماع المسلمين بعد حين. وهذا جلي بفضل الله وله الحمد وان بعثنا بعض ما يقال في الشبهات إلى هذا التطويل تمحيضا للحقيقة التي عليها اجماع الإمامية وحديثهم والله الموفق.
بقي الكلام فيما يرجع إلى ما في الآيات من عمومات المواريث وإطلاقاتها وفي ذلك أمور «الاول» ان الكافر لا يرث المسلم ولا يحجب وارثه وعلى ذلك اجماع المسلمين وحديثهم «الثاني» ان المسلم يرث الكافر وعليه اجماع اهل البيت والإمامية وحديثهم. وهو المحكي عن معاذ بن جبل ومعاوية وعبد الله بن دغفل من الصحابة وسعيد بن المسيب ومسروق ويحيى بن يعمر من التابعين وأخرج احمد في مسنده بطريق صحيح عندهم والحاكم وصححه على شرط البخاري ومسلم ولم يتعقب في ذلك ان معاذ بن جبل أتي بميراث يهودي وله وارث