ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٨) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً
____________________________________
إبليس بفلتات الشهوة والغضب والتعصيب الذميم وسوء الأخلاق وحب العاجل والتغاضي عن وباله أعاذنا الله من ذلك وأعاننا على أنفسنا بلطفه وتوفيقه (ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ) عهد (قَرِيبٍ) بالنسبة إلى ما كانوا يرونه بعيدا من حضور آجالهم وانقطاع آمالهم من زهرة الحياة الدنيا وحينما تموت شهواتهم وتسقط دواعي المعصية كما قال بعضهم لما سئل عن الزنا عند ضعفه بالهرم «تركني وما تركته» بل التوبة إنما هي في الحال التي يراغمون بها نزعات النفس الأمارة وغواية إبليس وينيبون إلى الله إقلاعا عن المعصية وندما على ما فرطوا فيه ورغبة في الأعمال الصالحة في حالهم ومستقبلهم وطلبا لكمالهم واندماجهم في زمرة عباد الله الصالحين بنزوعهم إلى حقيقة التوبة وشوقهم إلى رضاء الله عنهم ، وعفوه عما سلف منهم مما عرفوا قبحه وندموا على ارتكابه. فما كل مظهر للتوبة تائب ولا كل تارك للقبيح نادم. بل كما قيل: ـ
إذا انبجست دموع من عيون |
|
تبين من بكى ممن تباكى |
أو ليس من حقيقة التوبة ان يخرج التائب جهد مقدوره مما لزمه في معاصيه السابقة من حقوق الناس وحقوق الله ويستشعر قلبه التوبة والندم (فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ) لأنهم تابوا على حقيقة التوبة (وَكانَ اللهُ) منذ الأزل ، ولا يزال (عَلِيماً) بمن تاب حق التوبة ومن تظاهر بصورتها المموّهة (حَكِيماً) في دعوته إلى التوبة ووعده بأن يتوب على من أناب اليه وهو ارحم الراحمين ١٨ (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ) التي قد أعدتها الحكمة في الإصلاح والرحمة (لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ) مصرين عليها بجرأتهم على الله ومتمادين في غيهم (حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ) وانقطعت عنه دواعي الهوى والضلال (قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ) بما عصوا (عَذاباً أَلِيماً ١٩ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بالله ورسوله ودانوا باتباع شريعة الله (لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ) وتعدوهن ارثا لكم كما ترثون الأموال وتتسلطون عليهن بدعوى انتقال حق الزوجية إليكم بالوراثة (كَرْهاً) بفتح الكاف اكراها لهن بدون