أدوار .. وهكذا نحن في هذه الحياة نتحرك. تحركنا أشواق وهواتف ، ومطامح ومطامع ، وآلام وآمال .. وإن هي إلا الأسباب الظاهرة للغاية المضمرة ، والستار الذي تراه العيون لليد التي لا تراها الأنظار ولا تدركها الأبصار. يد المدبر المهيمن العزيز القهار ...).
كلمة في السياق :
مر معنا في مقدمة السورة قوله تعالى : (طه* ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى) وههنا كلف الله موسى أن يدعو فرعون إلى الله قائلا له (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) ، فالسياق بين لنا أن إنزال الله القرآن على محمد صلىاللهعليهوسلم إنما هو استمرار لسنة الله فى إرسال الرسال فما القرآن إلا وحي الله الذى أنزله على محمد صلىاللهعليهوسلم كما أنزل وحيه على غيره من الرسل ، فالرسل أمة واحدة والوحي واحد ، والهدف واحد ، والمؤمن يؤمن بوحي الله كله ، وذلك محور السورة من البقرة : (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) ولنعد إلى السياق :
(قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا) أي يعجل علينا بالعقوبة (أَوْ أَنْ يَطْغى) أي أو يجاوز الحد في الإساءة إلينا ، خشيا أن يقابلهما بعقوبة مستعجلة ، أو بعقوبة قاسية متطاولة (قالَ لا تَخافا) منه ثم علل لذلك (إِنَّنِي مَعَكُما) أي بالحفظ والتأييد والنصرة والتوفيق والرعاية (أَسْمَعُ وَأَرى) أي أسمع كلامكما وكلامه ، وأرى مكانكما ومكانه ، وأسمع دعاءكما فأجيب ، وأرى ما يراد بكما فأمنع ، لست بغافل عنكما فلا تهتما ، فإن ناصيته بيدي ، فلا يتكلم ولا يتنفس ولا يبطش إلا بإذني ، وأنا معكما بحفظي ونصري وتأييدي ، ثم لقنهما الله ما يقولان بما يحقق أمره لهما بالقول اللين المذكر الواعظ (فَأْتِياهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ) إليك (فَأَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ) أي أطلقهم عن الاستعباد والاسترقاق لنذهب وإياهم إلى حيث شاء الله (وَلا تُعَذِّبْهُمْ) بتكليف المشاق (قَدْ جِئْناكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ) أي بحجة على صدق ما ادعيناه أي بمعجزة من الله (وَالسَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى) والمعنى : سلم من العذاب من أسلم (إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا أَنَّ الْعَذابَ) في الدنيا والعقبى (عَلى مَنْ كَذَّبَ) بآيات الله ورسله ووحيه (وَتَوَلَّى) أي أعرض عن طاعته. وهكذا حدد الله لهما مضمون الخطاب ، ومن عرف هذا المقام أي كيف أن الله عزوجل أمرهما بالخطاب اللين ثم حدد لهما مضمون الخطاب الذي يخاطبانه به بما يحقق الأمر الأول ، أدرك أن الله