الأحياء كلها. والنبات في الغالب يحمل خلايا التذكير وخلايا التأنيث في النبتة الواحدة ، وأحيانا يكون اللقاح في نبتة ذكر منفردة كما هو الحال في الفصائل الحيوانية. وبذلك يتم التناسق في نواميس الحياة ويطرد في كل الفصائل والأنواع ..).
ملاحظة :
نلاحظ أن السياق في الآية (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) انتقل من الغيبة إلى لفظ المتكلم (فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى) وقد علل بعضهم هذا الانتقال بأنه بسبب انتهاء كلام موسى ، فإذا صح هذا يكون فرعون قد قطع على موسى كلامه ؛ ومن ثم فإن الله عزوجل قد أكمل ما كان يريد أن يقوله ، فأخبر الله تعالى عن نفسه بقوله (فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى) قائلين للناس (كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ) وعلل بعضهم لذلك بأن هذه المعاني كلها قد قالها موسى ، ولكن أراد الله أن يفهمنا أن كلام موسى كان مطابقا للحق ، حتى لو تحدث الله عن ذاته ، فذلك يكون كلامه ، ومن ثم أجرى الله عزوجل هذا الكلام على أنه كلامه ، ولنعد إلى السياق.
(كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ) أي أخرجنا أصناف النبات آذنين في الانتفاع بها ، مبيحين أن تأكلوا بعضها ، وتعلفوا بعضها (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) إن في الذي ذكر لدلالات وحججا وبراهين (لِأُولِي النُّهى) أي لذوي العقول ، والنهى : جمع نهية وإنما سمي العقل نهية إما لأنه ينهى عن المحظور ، أو لأن الأمور ينتهى بها إليه ، ثم أخبرنا تعالى أن هذه الأرض التي جعلها كما أخبرنا هي بالنسبة لنا منها المبدأ وإليها المصير ، ومنها إخراجنا للبعث ؛ فأن تكون الأرض كذلك فذلك دليل على إرادة الله وعنايته وعلمه وقدرته ، وفي ذلك ما يذكر الإنسان ويعظه (مِنْها) أي من الأرض (خَلَقْناكُمْ) أي خلقنا أباكم آدم منها وخلقناكم من أغذيتها (وَفِيها نُعِيدُكُمْ) إذا متم (وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ) أي عند البعث (تارَةً أُخْرى) أي مرة أخرى قال النسفي :
(والمراد بإخراجهم أنه يؤلف أجزاءهم المتفرقة المختلطة بالتراب ، ويردهم كما كانوا أحياء ويخرجهم إلى المحشر ، وهكذا بين ما علق بالأرض من مرافق حيث جعلها الله للبشر فراشا ومهادا يتقلبون عليها ، وسوى لهم فيها مسالك يترددون فيها كيف شاؤوا ، وأنبت فيها أصناف النبات التي منها أقواتهم ، وعلوفات بهائمهم ، وهي أصلهم الذي