فإننا سنلاحظ ـ كما لاحظنا في القسم الثاني ـ أنه مؤلف من مجموعات ، كل مجموعة تؤدّي دورها فيه ضمن السياق القرآني العام.
ونحب ابتداء أن نسجّل ملاحظات ، ندرك من خلالها لم سمي هذا القسم بالمثاني ، إنّك تجد في المجموعة الأولى من هذا القسم والتي هي ـ كما سنرى ـ تمتدّ من سورة العنكبوت حتى نهاية سورة (يس) أربع سور مبدوءة ب (الم) ، بينما قسم الطول لم ترد فيه (الم) إلا مرّتين ، مرة في سورة البقرة ، ومرة في سورة آل عمران.
وفي هذه المجموعة ترد سورتان مبدوءتان ب (الحمد لله) بينما لا نجد في قسم الطول إلا سورة واحدة هي الأنعام مبدوءة ب (الحمد لله) ، ولا تجد في قسم المئين إلا سورة واحدة مبدءوة ب (الحمد لله) هي الكهف.
ونجد في قسم المثاني سبع سور مبدوءة ب (حم) ؛ مما يشير إلى وحدة الزمرة ، ووحدة معانيها. من مثل هذه الملاحظات نعرف بعض السرّ في تسمية هذا القسم بالمثاني.
لقد استأنسنا في تحديدنا لأقسام القرآن بنصوص وبعلامات ثمّ بالمعاني ، فمثلا وجود (الم) في بداية سورة العنكبوت ، وعدد آيات سورة القصص ، كل ذلك كان عاملا من عوامل تحديد بداية قسم المثاني ، ونهاية قسم المئين ، والمعاني هي التي أكملت الدليل كما رأينا وكما سنرى.
يتألف قسم المثاني من خمس مجموعات ، كل مجموعة تفصّل في سورة البقرة نوع تفصيل ، فهي تبدأ في تفصيل الآية الأولى منها ثمّ وثمّ ، ثمّ تأتي المجموعة الثانية ، فتبدأ التفصيل من البداية وهكذا ، وذلك كذلك سبب من أسباب تسمية هذا القسم بالمثاني ، وسنرى كيف أن المعاني هي التي ستحدّد لنا بدايات المجموعات ونهاياتها. ولنبدأ بعرض المجموعة الأولى من قسم المثاني.