من سورة البقرة ، أي : في قوله تعالى : (الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ).
وقد كنا رأينا من قبل أن سورة الصافات فصّلت في الآيات الأربع الأولى التي وصفت المتقين من سورة البقرة ، ونلاحظ أن سورة الصافات ختمت بقوله تعالى : (وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ* وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).
كما نلاحظ أن سورة الزمر ختمت بقوله تعالى (وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).
وهذه الخاتمة كذلك تجعلنا نستأنس أن سورة الزمر تفصّل في ما فصلت فيه سورة الصافات ، أي في الآيات الأولى من سورة البقرة.
إن تفصيل سورة الزمر ينصبّ على المحور الذي فصلته سورة يونس ، وهو قوله تعالى (الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) إلا أن التفصيل الموجود في سورة الزمر يكمّل التفصيل الموجود في سورة يونس ، فإذا كان الكلام في سورة يونس انصب على نفي الريب عن هذا القرآن بنفي كل ما يؤدي إليه ، وتقرير أن هذا القرآن هدى ، فإن سورة الزمر ينصب الكلام فيها على أن هذا القرآن منزّل من عند الله ، وعلى تعريفنا على الله منزّل هذا القرآن ، وعلى ما يترتب على كون هذا القرآن من عند الله : من عبادة لله ، وصياغة للسلوك والأفكار على ضوء ذلك ، إلى غير ذلك من المواضيع التي سنراها
ونلاحظ في السورة بشكل واضح كثرة الآيات المبدوءة باستفهام :
(أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً ...)
(أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ)
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ ....)