المقدمة :
وهي آية واحدة وهذه هي :
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّـهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١))
التفسير :
(تَنْزِيلُ الْكِتابِ) أي : القرآن (مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ) أي : المنيع الجناب ، غير المنازع في السّلطان (الْحَكِيمِ) في تدبيره وفي أقواله وأفعاله ، وشرعه وقدره.
كلمة في السياق :
قلنا إن محور هذه السورة من سورة البقرة هو قوله تعالى : (الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) وقد جاءت مقدّمة السورة لتقرّر أنّ منزل هذا القرآن الذي لا ريب فيه هو الله العزيز الحكيم ، وفي ذكر اسم الله العزيز في هذه المقدمة بيان أن الله لم ينزل كتابه ذلّة ، وأنّ ما فيه من تكليف إنما هو تكليف عزيز في سلطانه ، وفي ذلك إشعار إلى أنه سيحاسب ويعاقب لمن خالف كتابه ، فذلك شأن العزيز ، وفي ذكر اسم الله الحكيم في هذه المقدمة إشعار بأن كتابه حكيم ، لأن الحكيم يصدر عنه ما هو حكيم ، وفي ذلك بيان أن هذا القرآن فيه الحكمة في ما أمر ، وفي ما نهى ، وفيما أخبر ، وفي ترتيبه ، وترتيب سوره ، وترتيب آياته. وإن ظهور الحكمة في هذا القرآن ، وظهور آثار العزة الإلهية فيه لواضح ، وذلك دليل على أن هذا القرآن من عند الله العزيز الحكيم ، فالبشر لا يملكون الحكمة الكاملة ، لأنّهم لا يملكون العلم الكامل ، والبشر لا يملكون العزة المطلقة ، فلو أنّ هذا القرآن بشريّ المصدر لظهر فيه الضعف البشري ، والجهل البشري ، أمّا وهو منزّه عن ذلك فذلك دليل أنّه من عند الله ، وإذ تقرر ذلك كله في المقدمة يأتي المقطع الأول.