أقول : (١) مقتضى المعاوضة والمبادلة دخول كل من العوضين في ملك مالك الآخر ، وإلّا لم يكن كل منهما عوضا وبدلا.
______________________________________________________
المناقشة في ما أفاده صاحب المقابس
(١) ناقش المصنف قدسسره في ما تقدم من كلام صاحب المقابس بوجهين ، أحدهما ناظر إلى الخدشة في لزوم التعيين في المبيع الكلي ، والآخر إلى المناقشة في الشخصي.
توضيح الوجه الأوّل : أنّ البيع «مبادلة مال بمال» ومن المعلوم تقوّم مفهوم المعاوضة بقصد خروج المبيع عن ملك البائع إلى ملك المشتري ، وخروج الثمن من كيس المشتري إلى ملك البائع. وإلّا فلو قصد مالك المبيع تمليك ماله لزيد ، وقصد المشتري تمليك ماله لشخص آخر غير البائع ، لم تتحقق المعاوضة بين المالين ، بل تحقّق تمليكان مجّانيان ، وهذا أجنبيّ عن البيع. وعليه فمجرد قصد المعاوضة بين المالين كاف في صدق العنوان ، ولا يلزم إسناد البيع إلى مالكي العوضين. وهذا واضح في بيع الأعيان الشخصية.
وأمّا في الأعيان الكلّية فتعيين المالكين وإن كان مسلّما ، إلّا أنّه ليس شرطا مستقلّا زائدا على الشروط المتعارفة ، بل لأجل توقف صدق «المبادلة بين مالين» على إضافة الكلّي إلى ذمة معيّنة ، فإنّ العقلاء لا يعتبرون منّا من الحنطة الكلّية مالا ما لم يضف إلى ذمة معيّنة معتبرة تتمكّن من تسليمها إلى المشتري. وكذا الحال في الثمن الكلّي كالدينار.
وعليه فتعيين المالكين وقصد وقوع البيع لهما ـ أو التلفظ بما يقصده ـ مقوّم لمفهوم المعاوضة والمعاملة ، إذ الإنشاء على الكليّ غير المضاف إلى ذمة معلومة ملحق عرفا بالهزل ، وليس موضوعا للأثر ، كما إذا قال : «بعت عبدا بألف دينار» مع عدم قصده مالكي العبد والدينار.
والحاصل : أنّ ما يظهر من عبارة المقابس من جعل تعيين المالكين ـ في بيع الكلّيّات ـ شرطا مستقلّا في قبال سائر ما يعتبر في مفهوم المعاوضة ، لا يخلو من شيء.