.................................................................................................
__________________
الجهة الثالثة : في الدليل على اعتبار طيب النفس في صحة العقد ، بحيث لو لم يكن دليل على اعتبار طيب النفس في المعاملة كان مقتضى القاعدة صحة بيع المكره ، لأنّه عقد عرفي ، فيشمله ما دلّ على وجوب الوفاء بالعقود.
لكن قد استدل على ذلك بوجوه :
الأوّل : الإجماع.
وفيه : أنّ البطلان وإن كان مسلّما ، لكن يحتمل قريبا أن يكون وجهه الوجوه الآتية ، فلا يحصل اطمئنان بإجماع تعبدي في المسألة.
الثاني : قوله تعالى (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ) (١) بتقريب : أنّه سبحانه وتعالى نهى عن تملك الأموال بجميع الأسباب سوى التجارة عن تراض. ومن المعلوم أنّ التراضي ليس هو الإرادة المقوّمة لعقدية العقد كما توهم ، فإنّه مضافا الى كونه خلاف الظاهر يستلزم اللغوية ، بداهة تقوم التجارة بالإرادة ، فذكر التراضي بمعنى الإرادة بعد التجارة يكون لغوا. فالمراد بالرضا هو طيب النفس فالعقد الإكراهي مقرون بالإرادة والاختيار ، وإذا عرى عن القصد عدّ من الأفعال غير الاختيارية.
ثمّ إنّ الفائدة المترتبة على الفعل الاختياري الصادر من فاعله المختار على ثلاثة أقسام :
الأوّل : أن يرى الخير المحض في فعله سواء أكان ذلك الخير دنيويا ، كما إذا رأى أن المشتري يشتري ماله بربح كثير. أم أخرويا كما إذا اعتقد بمثوبات جميلة مترتبة على التصدق بماله ، فيختار التصدق به. وفي هاتين الصورتين يختار الفعل بطيب نفسه.
الثاني : أن يرى الفعل خيرا لنفسه بعنوان ثانوي ، كما إذا ابتلى بمرض يتوقف
__________________
(١) سورة النساء ، الآية ٢٩.