بما يصدر منه ، ولا يتعمّد إليه عن رضاه ، وإن كان يختاره لاستقلال العقل بوجوب اختياره دفعا للضرر ، أو ترجيحا لأقلّ الضررين.
إلّا أنّ هذا المقدار (١) لا يوجب طيب نفسه به ، فإنّ النفس مجبولة على كراهة ما يحمّله غيره عليه مع الإيعاد عليه بما يشقّ تحمله.
والحاصل (٢) : أنّ الفاعل قد يفعل لدفع الضرر ، لكنّه مستقلّ في فعله ومخلّى وطبعه فيه (٣) بحيث يطيب نفسه بفعله ، وإن كان من باب علاج الضرر. وقد يفعل لدفع ضرر إيعاد الغير على تركه. وهذا ممّا لا يطيب النفس به ، وذلك (٤) معلوم بالوجدان.
ثم إنّه هل يعتبر (٥)
______________________________________________________
(١) يعني : أنّ هذا المقدار من الاختيار ـ الناشئ من دفع الضرر أو تحمل أخفّ الضررين ـ لا يجدي في صحة المعاملة ، إذ لا تطيب نفس المكره بما يحمّله المكره عليه.
(٢) غرضه ـ كما تقدم التنبيه عليه ـ عدم التنافي بين كون تصرف المكره إراديا وبين عدم طيب نفسه بفعله الإرادي.
(٣) أي : في فعله ، إذ لا تحميل في موارد الاضطرار.
(٤) يعني : وجود طيب النفس في المضطرّ المستقلّ في تصرّفه ، وفقدان الطيب في المكره على البيع مثلا.
هذا كلّه في بيان حدّ الإكراه ، من حيث ميزه عن الاضطرار. وسيأتي الكلام في أنّ العجز عن التورية دخيل فيه أم لا.
هل يتوقف الإكراه على العجز عن التخلص بالتورية أو بغيرها؟
(٥) هذه إحدى جهات البحث في إنشاء المكره ، وهي : أنّ الإكراه المتحقق بتحميل الغير وإيعاده الضرر بالمكره هل يتقوّم مفهومه بالعجز عن دفع الضرر المتوعد به ، بحيث لو كان قادرا على التفصي عنه لم يصدق «المكره عليه» على فعله؟