.................................................................................................
______________________________________________________
أم لا دخل له في صدق الإكراه موضوعا.
وعلى الثاني فهل يعتبر في حكمه الشرعي ـ وهو سقوطه عن الأثر المترتب على فعل المختار ـ عجز المكره عن التفصّي والفرار عن الضرر ، أم لا يعتبر ذلك أصلا؟ أم يفصّل بين التفصّي عن الضرر بالتورية وبغيرها؟ في المسألة وجوه بل أقوال :
الأوّل : عدم دخل التمكّن من التخلّص عن إيعاد المكره ، لا في مفهوم الإكراه ولا في حكمه الشرعي ، فيصدق الإكراه ويرتفع أثره الشرعي بمجرّد تحميل الغير ، وإيعاده الضرر على المكره ، سواء تمكن من التخلص أم عجز عنه. بلا فرق بين الإكراه على إنشاء معاملة وبين غيره ، كالإكراه على فعل محرّم أو ترك واجب ، وهذا منسوب إلى جماعة ، واختاره المصنف في بادئ الأمر.
الثاني : التفصيل بين المعاملة وغيرها ، بعدم اعتبار إمكان التفصي عن المكره عليه في المعاملة ، فتبطل بمجرّد الإكراه وإن كان قادرا على التخلّص منها. وباعتباره في غير المعاملة ، فلا يجوز ارتكاب المحرّم المكره عليه إلّا بالعجز عن التفصّي عنه.
الثالث : التفصيل بين كون المتفصّى به تورية وغيرها ، فإن قدر على التورية لم يكن مكرها ، سواء أكان المكره عليه معاملة أم غيرها ، وان تمكّن من التفصّي من ضرر المكره بوسيلة أخرى لم يجب عليه ذلك ، فهو مكره عليه ، فلا يحرم فعله ، ولا يصحّ إنشاؤه.
الرابع : التفصيل بين الموضوع والحكم ، بمعنى أنّ إمكان التخلص غير مأخوذ في مفهوم الإكراه ، ولكنه ملحوظ في حكمه الشرعي ، فالقادر على التفصّي مكره موضوعا وغيره مكره أثرا ، فلا يكون إنشاؤه باطلا شرعا ، وسيأتي تفصيل الكلام إن شاء الله تعالى.
والمراد بالتورية هو الستر والإخفاء ، بإلقاء كلام ظاهر في معنى وإرادة خلاف ظاهره ، مع إخفاء القرينة على المراد ، فكأنّ المتكلم وارى وستر مراده عن المخاطب