في موضوع (١) الإكراه أو حكمه (٢) عدم إمكان التفصي عن الضرر المتوعد به بما (٣) لا يوجب ضررا آخر كما حكي عن جماعة ، أم لا؟ الذي يظهر من النصوص والفتاوى عدم (٤) اعتبار العجز عن التورية ، لأنّ حمل
______________________________________________________
بإظهار غيره ، بحيث تخيّل المخاطب إرادة ظاهر كلامه ، قال العلامة الطريحي : «ورّيت الخبر ـ بالتشديد ـ تورية : إذا سترته وأظهرت غيره ، حيث يكون للفظ معنيان ، أحدهما أشيع من الآخر ، وتنطق به وتريد الخفي». (١)
ويمكن التنظير له بما روي من قول عقيل : «أمرني معاوية أن ألعن عليا ، ألا فالعنوه» لأنه أراد بمرجع الضمير معاوية الآمر باللعن ، عليه أشد لعائن الله والملائكة والناس أجمعين.
وكيف كان فاستدل المصنف قدسسره على إطلاق الإكراه ـ وعدم دخل إمكان التفصي عن الضرر المتوعد به ـ بوجوه سيأتي بيانها إن شاء الله تعالى.
(١) بأن يكون مفهومه العرفي متقوّما بعجز المكره عن التخلص عن الضرر المتوعد به.
(٢) بأن يكون مفهوم الإكراه مطلقا شاملا للقدرة على التفصي وعدمها ، إلّا أنّ سلب الحكم عن إنشاء المكره مخصوص تعبدا بعجز المكره عن الفرار. فلو قدر عليه لم يكن محكوما بحكم الإكراه ، فلو أكرهه الجائر على طلاق زوجته ، وتمكّن المكره من ترك الإنشاء رأسا ، أو التورية بإرادة خلاص زوجته من الأعمال البيتية كالطبخ والغسل وتربية الأطفال ، فأنشأ الصيغة ـ غير قاصد للبينونة ـ لم يقع الطلاق ، إذ لا إكراه مع إمكان التفصي عمّا أكره عليه.
(٣) متعلق ب «التفصي» يعني : يتخلّص المكره من المكره عليه ، ولم يستتبع فراره ضررا آخر عليه ، فلو استتبعه كان مكرها.
(٤) هذا ما استظهره المصنّف أوّلا ، وهو تحقق الإكراه بمجرّد تحميل الغير ، سواء
__________________
(١) مجمع البحرين ج ١ ، ص ٤٣٦.