.................................................................................................
______________________________________________________
غير دخيل في الإكراه موضوعا وحكما. ومقتضى هذا العدول وإن كان اشتراط الإكراه بامتناع التفصي عنه مطلقا ، لكنه قدسسره فصّل بين التمكن من التخلص بالتورية وبين تمكنه بغيرها. فهنا مطلبان ، أحدهما : توقف الإكراه على العجز عن التفصي.
وثانيهما : التفصيل بين كون المتفصّى به تورية أو غيرها.
أما المطلب الأوّل فتوضيحه : أنّه قد تقدم تقوّم مفهوم الإكراه بأمور ثلاثة : منها علم المكره ـ أو ظنّه ـ بترتب الضرر على مخالفة ما أكره عليه ، ويعبّر عن هذا الأمر بخوف الضرر. وعلى هذا يعتبر في تحقق الإكراه أن يكون الداعي إلى الإتيان بالفعل المكره عليه خصوص خوف ترتب الضرر المتوعد به على ترك ذاك الفعل المكره عليه ، ومن المعلوم أنّه مع القدرة على التفصي عنه بدون الإتيان بالفعل المكره عليه لا يترتب الضرر على مجرّد ترك المكره عليه ، بل على تركه وترك التفصي معا ، فهو مختار في دفع الضرر بين فعل المكره عليه وبين التفصي عن الضرر بوجه آخر ، فلا إكراه في البين.
والشاهد على إناطة صدق الإكراه بالعجز عن التخلّص هو الفرق المرتكز عند أبناء المحاورة بين أن يقول المكره : «طلّق زوجتك أو بع دارك ، وإلّا» وبين أن يأمره بالطلاق خاصة. حيث إنّ البيع عدل للطلاق في المثال الأوّل ، وإنشاء كلّ منهما مستند إلى تحميل المكره ، فهو مسلوب الأثر.
بخلاف المثال الثاني الذي طلب المكره الطلاق خاصة ، وفرضنا تمكن المكره من التخلص إمّا بالخروج مدّة من بلده ، وإما بمراجعة صديق ليشفع له عند المكره كي يتنازل عن إكراهه ، فإنّه لا يخاف المكره ترتب الضرر المتوعد به ، فلو طلّق لم يستند إلى خوف الضرر ، لعدم صدق الإكراه في هذه المنفصلة : هذا مكره على أحد الأمرين إما طلاق زوجته وإمّا تركه بالفرار من البلد أو الاستشفاع بصديق.
ووجه عدم الصدق كون الفرار ونحوه دافعا للإكراه حقيقة ، ولم يأمر به المكره