ولذا (١) لا يجري عليه (٢) أحكام المكره عليه إجماعا ، فلا يفسد إذا كان عقدا.
وما ذكرناه (٣) وإن كان جاريا في التورية ، إلّا أنّ الشارع رخّص في ترك التورية بعد عدم إمكان التفصي بوجه آخر (٤) ، لما ذكرنا (٥) من ظهور النصوص والفتاوى ، وبعد حملها على صورة العجز عن التورية.
______________________________________________________
(١) أي : ولأجل عدم كون الفعل المتفصى به بدلا عن الفعل المكره عليه لا يجري عليه أحكام المكره عليه ، فلو كان الفعل المتفصى به عقدا لا يبطل ، مع أنّ من الواضح بطلانه لو كان عدلا للفعل المكره عليه. كما لو أكرهه على بيع داره ، فتفصّى منه ببيع بستانه ، فإنه يقع صحيحا إجماعا ، مع أنّه لو كان مكرها عليه ـ كبيع الدار ـ لم يصح قطعا ، وهذا كاشف عن عدم كون الفعل المتفصّى به عدلا وبدلا لما أكره عليه.
(٢) هذا الضمير والضمير المستتر في «يفسد» راجعان إلى المتفصّى به.
(٣) من إناطة صدق الإكراه بخوف الضرر ، المتوقف على العجز عن التخلّص من إضرار المكره ، وغرضه بيان الفارق بين كون المتفصّى به تورية وغيرها ، فيقال : باعتبار العجز عن التخلّص بغير التورية في صدق الإكراه ، وعدم اعتبار العجز عن التخلص بالتورية في صدقه ، مع أنّ التفصّي عن الضرر المتوعد به بكلّ منهما مشترك في ارتفاع موضوع الإكراه به.
وحاصل وجه الفرق أمران ، أحدهما : التعبد ، لأنّ الشارع رتّب أثر الإكراه في صورة إمكان التفصي بالتورية ، دون التفصي بغير التورية ، لما تقدم من ظهور النصوص والفتاوى في ترخيصه في ترك التورية ، لبعد حملها على صورة العجز عنها ، لكونه من حمل المطلق على الفرد النادر.
(٤) فلو أمكن التفصي بغير التورية ـ كالخروج من البلد والاستشفاع بالصديق ونحوهما ـ لم يتحقق الإكراه ، إذ لا خوف حينئذ.
(٥) تقدم في قوله : «الذي يظهر من النصوص والفتاوى عدم اعتبار العجز عن التورية .. إلخ» فراجع (ص ١٨٥).