مع (١) أنّ العجز عنها لو كان معتبرا لأشير إليها في تلك الأخبار الكثيرة المجوّزة للحلف كاذبا عند الخوف والإكراه (١) ، خصوصا (٢) في قضيّة عمّار وأبويه ، حيث أكرهوا على الكفر ، فأبى أبواه فقتلا ، وأظهر لهم عمّار ما أرادوا ، فجاء باكيا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فنزلت الآية (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إن عادوا عليك فعد» (٢). ولم ينبّهه على التورية.
فإنّ التنبيه في المقام وإن لم يكن واجبا (٣) ، إلّا أنّه لا شك في رجحانه خصوصا من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم باعتبار شفقته على عمّار ، وعلمه بكراهة تكلم عمّار بألفاظ الكفر من دون تورية كما لا يخفى ، هذا.
ولكنّ الأولى (٤) أن يفرّق بين إمكان التفصي بالتورية وإمكانه بغيرها ،
______________________________________________________
(١) هذا وجه ثان لعدم اعتبار العجز عن التورية في الإكراه ، وحاصله : أنّه لو كان ذلك معتبرا فيه كان اللازم الإشارة إليه في الأخبار المجوّزة للحلف كاذبا عند الخوف والإكراه ، مع عدم التنبيه عليه ، كما تقدم في رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام ، لإطلاق الإكراه على ما يطلبه الوالدان والزوجة ، مع أنّه عليهالسلام نفى حكم اليمين فيه بقوله : «لا يمين في إكراه».
(٢) وجه الخصوصية أهمية القضية ، وكمال شفقة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على عمار.
(٣) وجه عدم وجوب التنبيه على التورية في المقام هو : إناطة وجوب التورية بالالتفات إليها ، فمع الجهل بها ـ ولو مع العلم بحكمها ـ لا يجب التنبيه ، لأنّه من إعلام الجاهل بالموضوع ، ومن المعلوم عدم وجوبه.
(٤) هذا عدول عن وجه الفرق المزبور ، الذي كان مرجعه إلى عدم صدق الإكراه موضوعا على صورة التمكن من التورية مع إجراء حكم الإكراه عليه تعبّدا.
__________________
(١) لاحظ وسائل الشيعة : ج ١٦ ، ص ١٤٣ ، الباب ١٦ من أبواب كتاب الأيمان.
(٢) مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ٣٨٨.