.................................................................................................
__________________
في صدق الإكراه موضوعا ، وعدم اعتباره فيه حكما ، فإذا أكره أحد على بيع داره وأمكنه التفصي ، فلم يفعل وباع الدار كان فاسدا وإن لم يصدق عليه عنوان الإكراه.
وقبل التعرض لتلك الوجوه ينبغي بيان حقيقة التورية ، وهي كما عن اللغة بمعنى الستر والإخفاء ، وإلقاء كلام ظاهر في معنى وإرادة خلاف ظاهره مع إخفاء القرينة على المراد ، فكأنّ المتكلم وارى مراده عن المخاطب بإظهار غيره وخيّل إليه أنّه أراد ظاهر كلامه ، وتقدّم كلام مجمع البحرين في التوضيح.
وفي القاموس : «ورّاه تورية أخفاه» (١).
ثم إنّ التورية كما تثبت في الأقوال ، كذلك تثبت في الأفعال.
أما جريانها في الأقوال فكما إذا أراد أحد أن ينكر مقالته الصادرة منه فيقول : «علم الله أنه ما قلته» حيث يظهر كلمة الموصول بصورة أداة النفي ، ويخيّل إلى السامع أنّه ينكر كلامه الصادر منه.
ومن هذا القبيل : ما عن سلطان العلماء في حاشيته على المعالم عند البحث عن المجمل من : أنه سئل أحد العلماء عن علي عليهالسلام وأبي بكر بأنّ أيّهما خليفة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : «من بنته في بيته».
ومنه قول عقيل : «أمرني معاوية أن ألعن عليّا ، ألا فالعنوه».
ومنه أيضا ما سئل بعض الشيعة عن عدد الخلفاء ، فقال : «أربعة أربعة أربعة» وقصد من ذلك الأئمة الاثني عشر ، وزعم السائل أنّه أراد الخلفاء الأربع.
ومنه أيضا ما عن بعض الأجلة من أن شخصا طلب مبلغا بعنوان المساعدة والإعانة ، وكان المسؤول لا يراه مستحقا ، فألقى السبحة من يده على الأرض ، وقال : والله إنّ يدي خالية ، وتخيّل السائل من هذا الكلام أنّه غير متمكن من إعطاء سؤله وقضاء حاجته.
__________________
(١) القاموس المحيط ، ج ٤ ، ص ٣٩٩.