ثمّ إنّ (١) ما ذكرنا من اعتبار العجز عن التفصّي إنّما هو في الإكراه
______________________________________________________
الفرق بين الإكراه على ارتكاب الحرام والإكراه على المعاملة
(١) غرضه من هذا الكلام التفرقة بين الإكراه المسوّغ للمحرمات كشرب الخمر وإفطار الصوم والولاية من قبل الجائر ونحوها ، وبين الإكراه الموجب لفساد المعاملة.
وحاصل وجه الفرق هو : أنّه يعتبر في الأوّل العجز عن التفصي عن الضرر ، من غير فرق بين أنحاء التفصّي من التورية وغيرها. بخلاف الثاني ، فإنّه لا يعتبر فيه ذلك ، لأنّ المناط في صحة المعاملة طيب النفس ، فكلّ ما يوجب ارتفاعه يوجب فساد المعاملة ، لانتفاء شرطها. وأمّا حدود الله تعالى شأنه فلا مسوّغ للتعدّي عنها إلّا الاضطرار.
وقد سبق المصنف إلى هذه التفرقة صاحب المقابس قدسسرهما وقد تبعهما الفقيه
__________________
ضعيفان ، لقول النجاشي في الأوّل : «كذاب غال يروي عن الغلاة ، لا خير فيه ولا يعتد بروايته» (١). ولقوله في الثاني : «ضعيف غال كان صحب معاوية بن عمار ، ثم خلط وفارقه» (٢).
فتحصّل مما ذكرنا : أنّ رواية ابن سنان لا تدلّ على اختلاف في معنى الإكراه ، وأنّ العجز عن التفصي عن الضرر لا يعتبر فيه ـ كما في إكراه الزوجة ـ حتى تكون حاكمة على حديث الرفع ، ومبيّنة لعدم اعتبار العجز عن التفصي في الإكراه المانع عن صحة المعاملة. بل الإكراه في جميع الموارد بمعنى واحد ، وهو حمل الغير على فعل مع الإيعاد بالضرر على تركه. غاية الأمر أنّ بعض مراتب الإكراه رافع لأثر المعاملة ، لكونه رافعا لطيب النفس ، بخلاف الإكراه الرافع للحرمة ، فإنّ ضرر العباد أهم في نظر الشارع من مصالح الأحكام ، ولذا أنيط ارتفاعها بالاضطرار ، هذا.
__________________
(١) رجال النجاشي ، ص ١٥٧ (الطبعة الحجرية).
(٢) المصدر ، ص ١٥٦.