وأما الإكراه الرافع لأثر المعاملات فالظاهر أنّ المناط فيه عدم (١) طيب النفس بالمعاملة ، وقد يتحقق (٢) (*) مع إمكان التفصّي.
مثلا من كان قاعدا في مكان خاصّ خال عن الغير متفرّغا لعبادة أو مطالعة ، فجاءه من أكرهه على بيع شيء ممّا عنده ، وهو في هذه الحال غير قادر على دفع ضرره ، وهو (٣) كاره للخروج عن ذلك المكان ، لكن لو خرج كان له في الخارج خدم يكفّونه (٤) شرّ المكره ، فالظاهر (٥) (**) صدق الإكراه
______________________________________________________
(١) لا الإلجاء والاضطرار.
(٢) أي : وقد يتحقق الإكراه في المعاملة عند إمكان تفصّي المكره ، فلا يتوقف على العجز عن التخلّص ، بل يكفي فيه عدم طيب النفس بالمعاملة ، كما في مثال المتفرّغ في مكان لعبادة أو مطالعة.
(٣) ضمير «وهو» في الجملتين يرجع إلى «من كان» وهو موصول اشرب معنى الشرط.
(٤) أي : يمنعونه من شر المكره ويدفعون عنه إضراره.
(٥) جواب الشرط المستفاد من قوله : «من كان قاعدا».
__________________
(*) بل لا يتحقق ، إذ المناط في وقوع الفعل عن إكراه هو دفع الضرر ، والمفروض إمكان دفعه في المثال بالخدم ، فلا يتوقف رفع الضرر على فعل المكره عليه ، فلو فعله كان صحيحا.
والحاصل : أنّ المناط في الإكراه هو صدور العمل للخوف عن الضرر المتوعد به ، فمع تمكنه من دفع الضرر بدون إيجاد المعاملة لا يتحقق الإكراه ، فالمعاملة صحيحة.
(**) بل الظاهر عدم صدق الإكراه حينئذ ، لقدرته على ترك المكره عليه ، من دون توجه ضرر إليه ، فهو كصورة حضور الخدم عنده في قدرته على دفع ضرر المكره بدون فعل المكره عليه.