ومن هنا (١) لم يتأمّل أحد في أنّه إذا أكره الشخص على أحد الأمرين المحرّمين لا بعينه ، فكلّ منهما وقع في الخارج لا يتصف بالتحريم ، لأنّ المعيار في رفع الحرمة رفع الضرر المتوقف على فعل أحدهما.
أمّا لو كانا (٢) عقدين أو إيقاعين ـ كما لو أكره على طلاق إحدى زوجتيه ـ
______________________________________________________
(١) أي : ومن كون المناط في رفع الحكم التكليفي هو رفع الضرر ، وفي رفع الحكم الوضعي هو عدم الطيب لم يتأمّل أحد في كون الإكراه على أحد المحرمين لا بعينه رافعا لحرمة أيّ واحد منهما وقع في الخارج ، لأن مناط هذا الإكراه ـ وهو الضرر ـ موجود في تركهما ، فيتوقف على هذا اندفاع الضرر المتوعد به على فعل أحدهما ، فيصدق على ما يقع في الخارج أنّه مكره عليه.
كما لو أكرهه على شرب الخمر أو أكل لحم الخنزير مخيّرا بينهما ، ولم يتمكن من المخالفة ، فيجوز اختيار واحد منهما لدفع الضرر ، لأنّه المناط في حلية الارتكاب ، لا عنوان الإكراه.
وهذا شاهد على افتراق ملاك الإكراه على أحد الفعلين ـ أو ترك أحد الواجبين ـ عن ملاك الإكراه على إحدى المعاملتين ـ بالمعنى الأعم ـ كالإكراه على بيع داره أو بستانه ، أو على بيع داره أو تزويج بنته منه ، أو على عتق أحد عبديه ، أو على طلاق إحدى زوجتيه ، أو على طلاق زوجته أو عتق عبده ، وهكذا.
فيظهر من العلامة قدسسره الحكم بصحة طلاق زوجته لو أكره على طلاق إحدى زوجتيه. والوجه في الصحة كونه مختارا في طلاق إحداهما معيّنة ، إذ المكره عليه طلاق إحداهما مبهمة ، فكان له أن يقول : «إحدى زوجتي طالق» فعدوله إلى التعيين كاشف عن طيب نفسه بطلاق هند مثلا ، ورغبته في بقاء زوجته الأخرى على حبالته.
وهذه الفتوى ـ أمكن توجيهها أم لا ـ شاهدة بالفرق بين ملاك الإكراه الموجب لحليّة الفعل المحرّم ، وبين ملاك الإكراه المفسد للمعاملة.
(٢) يعني : لو كان الأمران المكره عليهما عقدين كبيع داره أو متاعه ، أو إيقاعين كعتق عبده أو طلاق زوجته.