واعلم أنّ (١) الإكراه قد يتعلّق بالمالك والعاقد كما تقدم ، وقد يتعلق
______________________________________________________
تعلّق الإكراه بإنشاء المالك تارة ، والعاقد اخرى
(١) هذه جهة أخرى من جهات البحث في عقد المكره ، وبيانه أنّ الإكراه على العقد يتصوّر على أنحاء ثلاثة :
الأوّل : كون المكره هو المالك ، فيقال له : «بع دارك ، وإلّا» فينشئ البيع خوفا من الضرر ، وهذا هو الغالب ، حيث يكون المالك عاقدا أيضا ، وتقدّمت أقسامه وأحكامها في المباحث السابقة.
الثاني : كون المكره هو المالك ومن بيده الأمر ، لا العاقد ، كما لو أكره الجائر زيدا على أن يوكّل عمرا في بيع داره ، أو يوكّل ذلك الجائر فيه ، مع كون الوكيل مختارا في الإنشاء وحيث كان التوكيل باطلا للإكراه توقّفت صحة بيع الوكيل على إمضاء زيد ، لكونه فضوليا.
الثالث : عكس النحو الثاني ، بأن يكون المكره هو العاقد لا المالك ، كما لو أكره الجائر زيدا وقال له : «طلّق زوجتي وكالة ، وإلّا قتلتك» فهل يصح هذا الطلاق أم لا؟ قد عقد المصنف هذه الجهة لتحقيق المسألة ، ورجّح الصحة ، لوجود المقتضي وهو القصد والرضا ، وفقد المانع ، لفرض طيب نفس المالك أو الزوج بما طلبه من المكره ، وسيأتي وجهه.
__________________
وجه الفرق أن العقد فيما نحن فيه من أي شخص صدر يكون مكرها عليه ، فلو باع الوكيلان أو هما مع الموكّل بطل البيعان أو البيوع ، ولا يصح شيء منها أو منهما ، لوقوع الجميع عن إكراه ، ولا وجه لصحته أصلا. بخلاف المثال ، فإنّه إذا طلّق زوجته دفعا لضرر المكره ثم باع داره كان البيع صحيحا. فإطلاق كلام المصنف حيث قال : «ثم إنّ إكراه أحد الشخصين على فعل واحد .. كإكراه شخص واحد على أحد الفعلين في كون كل منهما مكرها» مشكل جدّا.