نعم (١) ربما يستشكل هنا (٢) في الحكم المذكور بأنّ (٣) القصد إلى المعنى ـ ولو على وجه الإكراه ـ شرط في الاعتناء بعبارة العقد ، ولا يعرف (٤) إلّا من قبل العاقد ، فإذا كان مختارا أمكن إحرازه بأصالة القصد في أفعال العقلاء الاختيارية دون المكره عليها.
______________________________________________________
(١) هذا استدراك على حكمه وفاقا للمشهور بالصحة ، والمستشكل هو المحقق الشوشتري ، قال في المقابس ـ بعد عبارته المتقدّمة (في ص ٢٣٧) ما لفظه : «وأيضا انّ إرادة مدلول اللفظ لا بدّ منها في صحة العقد ، وإن تجرّد من الرضا به ، ولذلك بطل عقد الهازل وقاصد التورية ونحوهما ، وإذا صدر العقد من مختار بالغ عاقل حكمنا بما هو الظاهر من حصول ذلك ، بخلاف ما إذا صدر من مكره ، إذ لا ظهور لعبارته في قصد المعنى المطلوب ، ولا عبرة بالدلالة المجرّدة عن الإرادة ، فكيف يحكم بالصحة بمجرّد صدور العقد والرضا ..؟» (١).
وحاصل الإشكال : أنّ الاعتناء بعبارة العقد مشروط بالقصد إلى المعنى ولو على وجه الكره ، ولا يعرف هذا القصد إلّا من قبل العاقد ، فإذا كان العاقد مختارا أمكن إحراز القصد بالأصل العقلائي ، وهو كون الفاعل المختار قاصدا في أفعاله وأقواله ، وأمّا إذا كان مكرها فلا سبيل إلى إحراز قصده.
(٢) يعني : في الفرعين المذكورين ، أحدهما : إكراه العاقد بدون إكراه المالك ، وثانيهما : إكراه الوكيل بدون إكراه الموكّل.
(٣) متعلق ب «يستشكل» وبيان له ، وقد تقدم آنفا نصّ كلام المقابس ومحصّله.
(٤) أي : ولا يعرف القصد إلى المعنى ـ ولو على وجه الإكراه ـ إلّا من قبل العاقد.
__________________
(١) مقابس الأنوار ، كتاب البيع ص ١٨ ، واعترض صاحب الجواهر أيضا على الحكم المذكور بوجه آخر ، فراجع جواهر الكلام ، ج ٣٢ ص ١٦.