بقي الكلام (١) فيما وعدنا ذكره من الفرع المذكور في التحرير قال في التحرير : «لو أكره على الطلاق فطلّق ناويا فالأقرب وقوع الطلاق» انتهى (١).
ونحوه في المسالك ، بزيادة احتمال عدم الوقوع : «لأنّ الإكراه أسقط أثر اللفظ. ومجرّد النيّة (٢) لا حكم لها» (٢)
______________________________________________________
تحليل كلام العلامة في التحرير
(١) هذه جهة أخرى من جهات البحث في إنشاء المكره. وقد سبق التعرض الإجمالي لكلام العلّامة (في ص ١٦٧) من أنّ المفقود في باب الإكراه هل هو القصد الجدّي لمدلول الإنشاء أم هو الطيب والرضا؟ ووعد المصنف ذكر توجيه عبارة التحرير بقوله : «وسيأتي ما يمكن توجيه الفرع المزبور به» وقد حان وقت الوفاء بالوعد. فنقل كلام العلامة وكلمات جمع ممّن تعرّض للمسألة كالشهيد الثاني وصاحب المدارك والفاضل الهندي وصاحب الجواهر أعلى الله مقاماتهم. كما سيظهر إن شاء الله تعالى.
وظاهر كلام العلّامة صحة طلاق من أكره عليه ، لو نوى الطلاق وقصده حين إنشاء الصيغة. والوجه في الصحة تمكّنه من التلفّظ بالصيغة لا عن نيّة ، لكفاية هذا التكلم في دفع الضرر المتوعد به ، فقصده للطلاق جدّا كاشف عن اختياره له وإرادته إيّاه ، فيخرج عن موضوع الإكراه.
(٢) يعني : أنّ مجرّد النية لا يترتب عليها أثر ، بل ترتب الأثر منوط بعدم الإكراه على اللفظ ، فالإكراه عليه يسقط النيّة المجرّدة عن الأثر.
وبعبارة أخرى : أثر الطلاق ـ وهو البينونة ـ يتوقف على أمرين ، أحدهما إرادة الطلاق ، وثانيهما التلفّظ بالصيغة عن اختيار.
والأمر الأوّل وإن كان محققا حسب الفرض ، لأنّه قاصد للطلاق. لكن الأمر
__________________
(١) تحرير الاحكام ج ٢ ص ٥١.
(٢) مسالك الافهام ج ٩ ص ٢٢.