وإن انتصر لهم بعض من تأخّر (١) عنهم بقوله تعالى «إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ» الدال (٢) على اعتبار كون العقد عن التراضي (٣).
مضافا إلى النبوي المشهور الدال على رفع حكم الإكراه مؤيّدا بالنقض بالهازل ، مع أنّهم لم يقولوا بصحته بعد لحوق الرضا.
______________________________________________________
ما نقل إلينا» (١). وهذه العبارة ظاهرة في ترجيح البطلان ، لا مجرّد التأمل في الصحة كما نسبه الماتن إليه.
(١) لم أظفر بهذا المنتصر المستدل بالآية المباركة وبحديث رفع الإكراه وبالنقض بالهازل ، نعم انتصر صاحب الجواهر قدسسره للبطلان بحديث رفع الإكراه وبالنقض بالهازل ، كما ذكر هذا النقض في مفتاح الكرامة (٢). وأما الاستدلال بآية التجارة عن تراض فموجود في عبارة المحقق الأردبيلي المتقدمة.
وكيف كان فالدليل الأوّل هو ظهور الآية المباركة في اعتبار مقارنة الرضا للتجارة ، وهي مفقودة في عقد المكره حسب الفرض.
والدليل الثاني هو حديث رفع الإكراه ، الظاهر في سقوط العقد الإكراهي عن التأثير ، فلا يجديه الرضا اللاحق ، لعدم انقلاب الشيء عمّا وقع عليه ، والمفروض كون عقده بمنزلة العدم ، وليس مقتضيا للتأثير حتى يتم تأثيره بلحوق الرضا.
والمؤيّد هو النقض بالهازل وشبهه ، حيث إنّه لا يقصد المدلول ، فلا يصحّ إنشاؤه بتعقبه بالإرادة الجدية ، إذ لا عقد حقيقة عند انتفاء القصد. ولو صحّ عقد المكره بتعقبه بالرضا لزم صحة عقد الهازل أيضا بتعقبه بالقصد الجدّي ، مع أنّهم لم يلتزموا بصحته أصلا ، فلا بدّ أن يقال بالبطلان في المكره أيضا ، لوحدة المناط.
(٢) بالجر صفة ل «قوله تعالى».
(٣) والمفروض انتفاء «التجارة عن تراض» في عقد المكره ، لوجود الإكراه
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان ، ج ٨ ، ص ١٥٦.
(٢) جواهر الكلام ، ج ٢٢ ، ص ٢٦٨ ، مفتاح الكرامة ، ج ٤ ، ص ١٧٤.