والكلّ كما (١) ترى ، لأنّ (٢) دلالة الآية على اعتبار وقوع العقد عن التراضي إمّا بمفهوم الحصر وإمّا بمفهوم الوصف.
ولا حصر كما لا يخفى ، لأنّ الاستثناء منقطع (٣) غير مفرّغ.
______________________________________________________
المانع عن تحقق الرضا وطيب النفس ، والرضا اللاحق لا يجعل العقد السابق من «التجارة عن تراض» لأنّ مقتضى كلمة المجاوزة هو كون الرضا موجودا حين العقد بحيث تكون التجارة ناشئة عنه.
(١) وهي الآية والنبوي والتأييد بالنقض بالهازل.
(٢) حاصله : أنّ الاستدلال بالآية الشريفة على بطلان عقد المكره منوط بدلالتها على حصر السبب المشروع لتملك أموال الناس بالتجارة عن تراض ، ودلالتها على الحصر لا بدّ أن تكون بأحد وجهين : إمّا مفهوم الحصر ، وإمّا مفهوم الوصف ، وكلاهما غير ثابت.
أمّا الأوّل فلتوقفه على أن يكون الاستثناء متصلا ، بأن يكون المستثنى من أفراد المستثنى منه ، إمّا بذكره في الكلام كقوله : «ما جاء القوم إلّا زيدا» فإنّه يدلّ على انحصار عدم المجيء في غير زيد. وانحصاره في زيد وإمّا بكون الاستثناء مفرّغا حذف المستثنى منه من الكلام ، ويقدّر ما يشمل المستثنى كقوله : «ما جاء إلّا زيد» فيقدّر مثلا «القوم» الشامل لزيد ، فيدل الاستثناء على حصر الجائي في زيد.
وأما الثاني ـ وهو مفهوم الوصف ـ فتقريبه : أنّ وصف التراضي المأخوذ في الآية المباركة ظاهر في إناطة جواز الأكل بالتجارة الموصوفة برضا المتعاقدين بها ، وحيث إنّ المكره غير راض حال العقد لم يحلّ أكل ماله المأخوذ بالتجارة عن كراهة ، سواء رضي بعد العقد أم لم يرض أصلا. وسيأتي المناقشة في كلا المفهومين.
(٣) هذا تقريب عدم دلالة الاستثناء على الحصر ، وحاصله : أنّ الاستثناء منقطع لا متّصل ، لأنّه استثناء من الباطل ، ومن المعلوم أنّه لا يصلح لأن يكون مستثنى منه للتجارة عن تراض إذ معناه حينئذ «لا تتملّكوا أموال الناس بالباطل