وثانيا (١) : أنّه يدلّ على أنّ الحكم الثابت للفعل المكره عليه ـ لو لا الإكراه ـ
______________________________________________________
وكذلك على القول بالكشف بعد التأمّل ، بداهة أنّه ما لم يتحقق منه الرضا بالعقد لا كاشف عن تحقق الملكية من حين العقد ، ومع عدم الكاشف لا إلزام ولا مؤاخذة أيضا.
(١) هذا ثاني وجهي المناقشة في التمسك بحديث الرفع على عدم قابلية عقد المكره للصحة بلحوق الرضا ، وهذا الوجه أيضا ناظر إلى أجنبية الحديث عن المقام ، وبيانه ما تقرّر في بحث أصالة البراءة من الأصول من أنّ المرفوع بالإكراه والخطأ والنسيان هو الحكم المجعول لذات الفعل مع الغضّ عن حالتين :
إحداهما تقيده بالقصد والعمد والالتفات.
وثانيتهما تقيده بالنسيان والإكراه والخطأ.
إذ تارة يثبت الأثر على الفعل المقيد بالعمد كالقصاص في قتل العمد ، فلو كان القتل خطأ كان رفع القصاص بانتفاء موضوعه أعني به العمد ، ولا ربط لهذا بحديث الرفع.
وأخرى يثبت الأثر على الفعل الموصوف بكونه خطأ أو نسيانا ، كما في وجوب سجدتي السهو لنسيان التشهد أو السجدة الواحدة في الصلاة ، وهذا ظاهر في اقتضاء الفوات النسياني لجعل سجدتي السهو ، ولا يعقل التمسك بإطلاق «رفع النسيان» لنفي وجوبهما ، ضرورة استحالة كون مقتضي الشيء رافعا له. وكذا الحال في الدّية الثابتة في الجناية الخطأيّة.
وثالثة يثبت الأثر لذات الفعل مع الغضّ عن طروء العناوين الرافعة ، فيرتفع بطروئها.
إذا اتضح هذا فنقول : إنّ الإكراه لا يرفع الحكم الثابت بعنوان الإكراه ، لعدم كون المقتضي للشيء رافعا له ، فمعنى حديث الرفع رفع الحكم الثابت للفعل المكره عليه مع الغضّ عن عروض الإكراه عليه ، حتى يرتفع بسبب طروء الإكراه عليه