فإنّ (١) ذكر «رفع القلم» في الذيل ليس له وجه ارتباط إلّا (٢) بأن تكون علّة لأصل الحكم وهو ثبوت الدية على العاقلة ، أو بأن تكون معلولة لقوله :
______________________________________________________
وبما أنّ قوله عليهالسلام : «وقد رفع عنهما القلم» ليست جملة مستأنفة ، بل هي مرتبطة بكون الدية على العاقلة ، فلا بد من استكشاف وجه الربط ، وهو أحد أمرين.
فإمّا أن يكون رفع القلم علّة لوجوب الدية على العاقلة ، ومعناه : أنّ رفع قلم المؤاخذة الدنيوية ـ سواء المالية كالدية والنفسية كالقصاص ـ عن المعتوه والصبي كارتفاع المؤاخذة الأخروية صار منشأ لوجوب الدية على العاقلة.
وإمّا أن يكون رفع القلم معلولا لتنزيل الشارع عمد المعتوه والصبي منزلة خطأهما ، ومعناه حينئذ : أنّ عمدهما لمّا كان في وعاء التشريع بمنزلة الخطأ وقصدهما كلا قصد ، فلذا ارتفعت المؤاخذة الأخروية والدنيوية ـ من القصاص والغرامة الماليّة ـ عنهما شرعا.
وهذان الاحتمالان يشتركان في نفي موضوعية إنشاء الصبي للأثر ، ويفترقان في ضمانه بالإتلاف.
أمّا الجهة المشتركة فلأنّ الإنشاء أمر قصدي ، ولا يتحقق بدونه ، ولذا لا يترتب أثر على إنشاء الهازل والنائم والغالط ونحوهم ممّن لا يكون داعيه إلى الإنشاء تحقق الأمر الاعتباري في وعاء الاعتبار كالملكيّة والزوجيّة والحريّة.
ولا فرق في لغويّة إنشاء الصبي بين كونه لأجل تنزيل قصده منزلة عدم القصد ، وبين رفع قلم المؤاخذة عنه شرعا. كما لا فرق بين كونه مستقلّا في التصرف في ماله ، وبين كونه وكيلا عن الغير أو مأذونا عن وليّه.
وأمّا الجهة الفارقة ـ وهي الضمان بالإتلاف بناء على المعلوليّة ، وعدمه بناء على العلّيّة ـ فسيأتي توضيحها في ص ١٤٦.
(١) هذا تقريب استظهار سلب عبارة الصبي من رواية أبي البختري ، وقد عرفته آنفا.
(٢) وجه الحصر في العلية والمعلولية عدم تطرّق احتمال آخر ككون الجملتين متلازمتين ، أو كونهما معلولي أمر ثالث.