وأمّا سياق التحديد (١) الموجب لثبوت مفهوم القيد فهو
______________________________________________________
(١) أورد المصنف على التقريب الثاني ـ وهو الحصر المستفاد من التحديد ـ بما يرجع إلى وجوه أربعة.
الأوّل : أنّ هذا المفهوم مبني على مفهوم الوصف ، وهو غير ثابت.
الثاني : أنّه بعد تسليم المفهوم له يختص ذلك بما إذا انحصرت فائدة الوصف في المفهوم ، ولم تكن له فائدة أخرى كوروده مورد الغالب كما فيما نحن فيه. فلا يكون «عَنْ تَراضٍ» قيدا احترازيا حتى يكون له مفهوم ، وهو عدم كون عقد الفضولي تجارة عن تراض. بل يكون قيدا غالبيا.
فمرجع هذا الإيراد إلى تسليم نعتية «عَنْ تَراضٍ» للتجارة ، مع حمله على الغلبة ، كما في قوله تعالى (وَرَبائِبُكُمُ اللّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) فإنّ قيد «فِي حُجُورِكُمْ» ورد مورد الغالب ، لكون غالب الربائب في حجور أزواج أمّهاتهن ، ولذا ليس هو قيدا احترازيا حتى تختص الحرمة بالربائب اللّاتي في الحجور.
الثالث : أنّه يحتمل أن لا يكون «عَنْ تَراضٍ» وصفا للتجارة وقيدا لها حتى يكون له مفهوم. بل يكون خبرا ثانيا ل «تكون» بناء على نصب «تجارة» كما هو قراءة الكوفيين على ما في تفسير التبيان (١) ، نظير «زيد عالم شاعر» فيما إذا كان كل منهما
__________________
لوضوح عدم صدق التجارة عرفا بمال الغير على مجرد عقد الفضولي ، فإنّ التصرف إمّا خارجي كالأكل والشرب ونحوهما ، وإمّا اعتباري كالملكية. وكلاهما منتف كما لا يخفى.
وثانيا : أنّه ليس كل نهي في المعاملة مقتضيا للفساد ، وإنّما الفساد يختص بما إذا تعلق النهي بأحد ركني المعاملة.
__________________
(١) التبيان ، ج ٣ ، ص ١٧٨.