فافهم واغتنم (١).
ثم إنّ (٢) القلم المرفوع هو قلم المؤاخذة الموضوع
______________________________________________________
سببيته للضمان ، لأنّ ذات الإتلاف مع الغضّ عن العمد سبب الضمان ، ولذا يترتب على إتلاف فاقد العقل كالمجنون ، وعلى فعل النائم الذي لا يشعر بما يفعله.
فسببيّة الإتلاف نظير نواقض الوضوء ، فإنّ ناقضية البول مثلا للوضوء غير منوطة بالقصد والاختيار ، فلا ترتفع بحديث رفع القلم عن الثلاثة.
الثاني : أنّ الحديث وارد في مقام الامتنان على الأمّة الذين هم على السّواء بنظر الشارع ، فرفع قلم الضمان عن إتلاف الصبي وإن كان منّة عليه قطعا ، إلّا أنّه خلاف الامتنان على الكبير الذي تلف ماله ، ومن المعلوم أنّه لا ترجيح للصغير على الكبير حتى يقال بعدم سببيّة إتلاف الصبي للضمان.
وبهذا يقال أيضا بعدم شمول «رفع الخطأ» في مثل حديث رفع التسعة لإتلاف البالغ خطأ ، ضرورة استلزام عدم ضمانه خلاف الامتنان على المالك ، هذا.
(١) الأمر بالفهم والاغتنام إشارة ظاهرا إلى دقة المطلب وتمامية الاستدلال بالحديث على مسلك المشهور.
(٢) هذا إشارة إلى الأمر الثاني ، ومحصله : عدم التنافي بين كون المرفوع عن الصبي مطلق المؤاخذة المترتّبة على فعل البالغ ، وبين تشريع بعض التعزيرات عليه كإدماء أنامله وقطعها في السرقة المتكررة. وجه عدم التنافي : أنّ المؤاخذة المرفوعة عنه هي الثابتة في حق البالغين سواء أكانت دنيوية ـ بأن كانت في النفس كالقصاص أم في المال كالدية ـ أم أخروية. وهذا لا ينافي تأديبه ببعض العقوبات الدنيوية التي تخفّ عن عقوبة البالغ كمّا وكيفا.
قال شيخ الطائفة قدسسره : «ومتى سرق من ليس بكامل العقل بأن يكون مجنونا أو صبيّا لم يبلغ ـ وإن نقب وكسر القفل ـ لم يكن عليه قطع. فإن كان صبيا عفي عنه مرّة ، فإن عاد أدّب ، فإن عاد ثالثة حكّت أصابعه حتى تدمى ، فإن عاد قطعت أنامله ،