الرابع (١) : ما دلّ من العقل (*) والنقل (**) على عدم جواز التصرف في
______________________________________________________
د : حكم العقل بقبح التصرف في مال الغير بلا إذن منه
(١) هذا رابع الأدلة التي أقيمت على بطلان عقد الفضولي ، ومحصله : أنّ التصرف في مال الغير بدون إذنه ظلم في حقّ المالك ، لتجاوز هذا التصرف عن حدود العدل والإنصاف ، وذلك قبيح عقلا. ولا يرتفع هذا القبح بالرّضا اللاحق ، لأنّ ما وقع لا يتغيّر عمّا وقع عليه ، والقبيح لا يترتب عليه آثار الصحة إلّا مع تبدل الموضوع بصيرورة القبيح في مرحلة البقاء حسنا.
وبعبارة أخرى : هذا الدليل العقلي يثبت كبرى القياس ، وهو قبح التصرف في مال الغير إلّا بإذنه ، وصغرى القياس هو صدق «التصرف» على مجرّد إنشاء الفضولي ، كما صرّح به الشيخ في الخلاف.
ونتيجة القياس حكم العقل بقبح بيع الفضول عقلا ، وحرمته شرعا.
__________________
(*) الأولى أن يقال : ما دلّ من العقل على قبح التصرف في مال الغير إلّا بإذنه. وبقاعدة الملازمة يستكشف الفساد شرعا ، فلا حاجة إلى بيان رواية الاحتجاج.
(**) الأولى إسقاط «النقل» وإن كان هو مساعدا للعقل ، إلّا أن الكلام في دليليّة كل من الأدلة الأربعة باستقلاله ، ومع الغضّ عن الآخر.
بل يمكن أن يقال : بعدم الوجه للاستدلال بالدليل العقلي هنا.
أمّا أوّلا : فلأنّ العقل لا حكم له إلّا إدراك الحسن والقبح المترتبين على إدراك المصالح والمفاسد ، وليس له حكم وجوبي أو تحريمي حتى يستدلّ به على حكم تكليفي كالحرمة ، أو وضعي كالبطلان في عقد الفضولي ، فلا ينبغي التعبير بعدم الجواز كما في المتن ، حيث قال : «على عدم جواز التصرف في مال الغير .. إلخ» بل المناسب التعبير بقبح التصرف. إلّا أن يراد بعدم الجواز عدم النفوذ ، لا الحكم التكليفي.