المعاوضة (١) ، إذ لا يعقل دخول أحد العوضين في ملك من لم يخرج عن ملكه الآخر (٢) ، فالمعاوضة الحقيقية غير متصوّرة ، فحقيقته (٣) ترجع إلى إعطاء المبيع وأخذ الثمن لنفسه. وهذا (٤) ليس بيعا.
والجواب (٥) عن ذلك ـ مع اختصاصه ببيع الغاصب ـ أنّ (٦) قصد
______________________________________________________
يكون الغاصب قاصدا لأمرين متنافيين حين الإنشاء. وهذا معنى عدم تمشّي قصد المعاوضة منه ، وكون إنشائه بيعا صوريا لا حقيقيا.
ولا يخفى أن هذا الوجه عمدة المحذور في صحة بيع الغاصب لنفسه ، وهو ممّا يختص بهذه المسألة ، ولا يجري في بيع الفضولي للمالك ، لكونه هناك قاصدا لحقيقة المعاوضة.
(١) قد عرفت عدم قصد المعاوضة الحقيقية في بيع الفضولي لنفسه.
(٢) تقدم في (ص ١٢٩) التنظير له بإعطاء مال لطالب الطعام لشرائه لنفسه ، وكذا بإذن الراهن للمرتهن بأن يبيعها لنفسه ، فراجع.
(٣) أي : فحقيقة بيع مال الغير لنفسه ترجع إلى إعطاء المبيع وأخذ الثمن لنفسه.
(٤) أي : وإعطاء المبيع من مال الغير وأخذ الثمن لنفسه ليس بيعا حقيقة.
(٥) قد أجاب المصنّف قدسسره عن عدم قصد الفضولي المعاوضة الحقيقية ـ الموجب لبطلان عقده ـ بوجهين :
الأوّل : ما أشار إليه بقوله «مع اختصاصه» وحاصله : أخصية الدليل من المدّعى ـ وهو بطلان عقد الفضولي لنفسه ـ لاختصاص دليله بما إذا كان الفضولي غاصبا حتى لا يتمشّى منه قصد المعاوضة الحقيقية. وأمّا إذا كان معتقدا بأنّ المبيع ملكه ، فلا إشكال في تمشّي قصد المعاوضة الحقيقية منه. فدليل الخصم لا يشمله ، إذ المفروض إمكان قصد المعاوضة الحقيقية من غير الغاصب.
(٦) هذا إشارة إلى الوجه الثاني ، وحاصله : أنّه يمكن تمشّي قصد المعاوضة الحقيقية من الفضولي الغاصب بعد ادّعاء نفسه مالكا حقيقيّا ، كادّعاء كون زيد أسدا ،