.................................................................................................
__________________
وقد أجيب عن محذور عدم تمشّي قصد المعاوضة الحقيقية من الغاصب بوجوه اخرى :
منها : ما أفاده المحقق النائيني قدسسره ولم يستبعد كونه مراد شيخنا الأعظم قدسسره وإن لم تكن عبارة الكتاب وافية به ، ومحصله : أن الملكية هي الإضافة الاعتبارية بين المالك والمملوك ، والغاصب لا يغصب المملوك بل يغصب هذه الإضافة ويجعل نفسه مالكا ، وبعد هذا التجعّل يتمشى منه البيع العرفي ، لكفاية اعتبار الملكية عدوانا أو جهلا في ترتب الأثر عليها وإن لم يمضه الشارع ، فصدور المعاوضة الحقيقية مبني على هذا الجعل ، وهو المصحّح لقصد البيعية ، فينشئ تبديل طرف إضافة بطرف إضافة أخرى .. إلخ (١).
وقد يشكل بأنّ الغصب من المفاهيم العرفية ، والمعهود منه هو الاستيلاء على ما للغير عدوانا ، فالملحوظ فيه هو الاعتداء على مال الغير والتصرف فيه ، ولا يطلق عنوان «الغصب» على مجرّد اعتبار شخص مالكا لأموال غيره ما لم يضع يده عليها. ولم يعهد سرقة إضافة الملكية ، فإنّها أمر اعتباري. ومن المعلوم خروج هذا الوعاء عن حيطة تسلّط الغاصب عليه. بل ربّما ينافيه تصريح الميرزا قدسسره في أوّل البيع بأنّ البيع العرفي ليس تبديل الإضافة وإنما هو تبديل طرفيها ، لأنّ الملكية سواء أكانت بمعنى السلطنة أم بمعنى الجدة الاعتبارية مما لا تقبل النقل إلى الغير «إذ ليس للمالك ملكية على الملكية» (٢) فالبيع العرفي هو تبديل طرفي إضافتين. وهو الذي يتعلّق به الإمضاء الشرعي تارة ، والرّد اخرى.
__________________
(١) منية الطالب ، ج ١ ، ص ٢٢٥ ـ ٢٢٦ ، المكاسب والبيع ، ج ٢ ، ص ٤٦.
(٢) منية الطالب ، ج ١ ، ص ٣٥.