.................................................................................................
__________________
وبامتناع انفكاك الملكية عن المالك عرفا كيف يجعل الغصب سرقة لهذه الإضافة مع كونه من الأمور المتعارفة عندهم؟ وعليه فيشكل تصحيح معاملات الغاصب بالوجه المزبور.
وليس الإشكال في البيع الممضى شرعا حتى يقال : يتمشّى قصد المعاوضة عرفا من الغاصب. وذلك لما تقدم من أن الغصب كالبيع من الأمور العقلائية ، والمحذور كله في امتناع قصد الغاصب حقيقة المعاوضة.
ومنها : ما أفاده المحقق الايرواني قدسسره فإنه ـ بعد منع توقف المبادلة على قصد دخول أحد العوضين في ملك مالك الآخر ـ صحّح بيع الغاصب بوجهين :
أحدهما : أن بيع الغاصب مال الغير لنفسه لا هو هبة متعارفة ولا بيع متعارف ، بل هو عقد متضمن لهما معا ، حيث يتبدل المالكان فيه كما في الهبة ، والمملوكان كما في البيع.
ولا تتوقف حقيقة المعاوضة على قصد دخول العوض في ملك مالك المعوّض. فإذا باع الغاصب انحلّ إنشاؤه إلى بيع وهبة من جانب واحد. أما أنه بيع فلأنّه من تبديل مملوك بآخر. وأما أنه هبة فلأنها تبديل مالك بآخر ، لفرض تمليك المشتري الثمن للبائع. وهذه معاملة صحيحة لخصوص دليل حلّ البيع ولعموم الأمر بالوفاء بالعقود والتجارة عن تراض.
ثانيهما : أنه هبة معوّضة ، قال قدسسره : «وإن تعاسرت من هذا قلنا : لا أقل من أن يكون ما يصنعه الغاصب هبة معوّضة ، فيهب مال الغير بإزاء أن يهبه الطرف المقابل مال نفسه .. ويكون القبول من الطرف الآخر إنشاء للهبة الأخرى. والوجه في تملك الغاصب للثمن هو : أنه يستوهبه من الطرف المقابل بإزاء رفع يده عن العين المغصوبة حتى يعصبها الطرف المقابل» (١) هذا.
__________________
(١) حاشية المكاسب ، ج ١ ، ص ١٢٣