وقد أجاب عن هذا (١) المحقق القمي رحمهالله في بعض أجوبة مسائله : بأنّ
______________________________________________________
(١) أي : عن هذا الإشكال الذي ذكره القائل ببطلان عقد الفضولي لنفسه. ومحصل هذا الجواب : أنّ معنى إجازة المالك في صورة بيع العاقد الفضولي لنفسه هو تبديل رضا الغاصب وبيعه لنفسه برضا المالك ، ووقوع البيع عن المالك وصرفه عن الفضولي وإضافته إلى نفسه. وليس معنى الإجازة تنفيذ نفس العقد كما في بيع الفضولي المقصود وقوعه للمالك مع إجازته التي تلحق بنفس عقد الفضولي وتنفّذه. ثمّ جعل المحقق المتقدم مقامنا ـ وهو بيع الفضولي مال الغير لنفسه ـ نظير بيع الفضولي عن المالك ، ثم تملّكه من مالكه ، فأجاز بيع الفضولي.
وبعبارة أخرى : يختلف مفاد الإجازة في صور بيع الفضولي ، ففي الفضولي المصطلح ـ وهو بيع مال الغير بقصد وقوعه لمالكه ـ يكون معنى الإجازة الرضا بما أنشأه الفضول وتنفيذا له ، من دون أن توجب تغييرا في ذلك المنشأ أصلا ، فالفضولي قصد بإيجابه مع المشتري تمليك مال الغير بعوض ، ليدخل في ملك ذلك الغير ، والمالك ينفّذ هذا البيع ويرضى به.
وأمّا في مسألة بيع الغاصب لنفسه فليست الإجازة مجرّد الرضا بمضمون ذلك البيع الواقع على المال ، بل توجب تغييرا في ذلك الإنشاء ، لأنّ الغاصب قاصد لدخول الثمن في ملك نفسه ، وإجازة المغصوب منه صارفة لذلك البيع إلى وقوعه لنفسه وإضافته إليه.
وهذا نظير الإجازة في مسألة «من باع شيئا ثم ملكه» فإنّها صارفة للبيع المزبور عن مالكه السابق إلى العاقد المالك بالفعل.
وربّما ينحلّ كلام المحقق القمي قدسسره إلى وجهين : أحدهما : كون إجازة المالك مصحّحة أي مبدّلة لعقد الغاصب الفضولي إلى عقد جديد.
والآخر : أنّها عقد مستأنف بين المالك والمشتري ، لا أنّها تغيّر عقد الغاصب لنفسه.