ثم اعلم (١) أنّ الكلام في صحة بيع الفضولي لنفسه غاصبا
______________________________________________________
(١) غرضه التمهيد لدفع كلام صاحب الرياض قدسسره وغيره ، وبيانه : أنّ ما تقدم من أوّل المسألة الثالثة إلى هنا ناظر إلى وقوع البيع للمالك لو قصد الفضولي وقوعه لنفسه ، وقد تحقق أنّ الأقرب صحته ، لوجود المقتضي ، واندفاع ما قيل من الموانع. وهناك مسألة أخرى. وهي : أنّ البائع الفضولي لنفسه لو تملّك المبيع بعد العقد وأجازه فهل يصحّ أم لا؟ وهي موضوع البحث في المسألة المعروفة المعنونة ب «من باع شيئا ثم ملكه» فقد يقال بالصحة فيهما كما هو مختار المصنف ، وقد يقال بالبطلان كذلك كما ربما يظهر من صاحب المقابس ، وقد يفصّل بين المسألتين ، لاختلافهما مناطا.
وبهذا يظهر غموض ما أفاده سيد الرياض قدسسره من قوله : «ولو باع الفضولي ـ أي ملك الغير ـ من دون إذنه مطلقا لم يلزم إجماعا ، بل لم يصح إذا كان البيع لنفسه لا للمالك ، فيمشي إلى المالك فيشتريها منه. كما صرّح به جماعة كالفاضلين ، العلّامة في جملة كتبه كالمختلف والتذكرة مدّعيا فيها عدم الخلاف فيه بين الطائفة .. إلخ» (١).
وحاصل كلامه قدسسره : أنّه جعل لبيع الفضولي صورتين :
إحداهما : أن يبيع للمالك ، وحكم بالصحة فيها وفاقا للمشهور.
وثانيتهما : أن يبيع لنفسه ، وجعل قدسسره هذه الصورة موردا لمسألة «من باع شيئا ثم ملكه» وحكم فيها بالفساد ، بمعنى عدم وقوع البيع للعاقد الفضولي لو تملّك المبيع من مالكه الأصلي ثم أجاز بيع نفسه. واستدلّ على البطلان بالإجماع المدّعى في المختلف وغيره. ولم يفصّل السيد قدسسره بين المسألتين ، وهما مسألة «من باع
__________________
(١) رياض المسائل ، ج ١ ، ص ٥١٢.