.................................................................................................
______________________________________________________
كما إذا تلفظ بالبيع وقصد بقوله : «بعت» معناه المجازي وهو الإجارة ، بناء على صحة إنشاء الإجارة بلفظ «بيع المنفعة بعوض».
ثالثها : الإرادة الجدية إلى تحقق مضمون العقد ، بعد تعلق إرادته بكلّ من اللفظ واستعماله في معناه الموضوع له أو المتفاهم منه عرفا. واعتبار هذا القصد الجدّي يكون في قبال استعمال الصيغ الإنشائية بدواع أخر كالسخرية والمزاح وأشباههما ، نظير استعمال صيغة الأمر فيما عدا الطلب ، كالتهديد والتعجيز والامتحان ونحوها مما ذكروه في الأصول.
والوجه في اعتبار هذه القصود الثلاثة واضح ، فإنّ العقود تابعة للقصود ، فلا بد من كون الإنشاء بداعي حصول المضمون الاعتباري. وقد نفى المصنف قدسسره الخلاف والاشكال في اعتبار ما نحن فيه وهو الإرادة الجدية المتأخرة عن القصدين الأوّلين ، وهو كما أفاده.
فإن قلت : المناسب للتنبيه على اعتبار القصد الجدّي هو المقدمة الباحثة عن ألفاظ العقود ، إذ كما يبحث فيها عن شرائط الصيغة من الماضوية والعربية والدلالة الوضعية ونحوها ، فكذا ينبغي التنبيه على اعتبار كون الداعي إلى استعمالها هو تحقق مفادها في وعاء الاعتبار ، بأن يقصد التسبب بصيغة «بعت» إلى مبادلة عين بعوض. فما الوجه في عدّ القصد الجدّي إلى مضمون العقد من شرائط المتعاقدين ، وعدم جعله من شرائط الصيغة؟
قلت : فرق بين الإرادة الاستعمالية والجدية ، والأمور المعتبرة في الصيغة مقوّمة للبيع الإنشائي ، أي استعمال اللفظ ـ المنشأ به العقد ـ في معناه ، ومن المعلوم اعتبار القصد إلى المعنى في الاستعمال الإنشائي ، فلو كان مادة «البيع» حقيقة في تمليك عين بعوض ، ومجازا في تمليك المنفعة ، كان اعتبار الدلالة الوضعية في الإنشاء متضمنا لاعتبار الإرادة الاستعمالية ، بأن يكون المنشئ مريدا للمعنى الحقيقي دون المجازي ، وهو تمليك المنفعة.