تقديم
بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
الحمد للّه الذي أنار بكلامه قلوب أولي الألباب ليبصروا به مع عقولهم طريق الصواب ، يفصل لنا ظاهره من الأقوال والأعمال ، وباطنه من الاعتقادات والأخلاق والمقامات والأحوال ، فيحلّ عنها قيود النواقص لتسرع إلى غاية الكمال.
قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه وسلّم : «من فسّر القرآن برأيه فليتبوّأ مقعده من النار».
فهذه خيرات حسان من نكت نظم القرآن ، منّ اللّٰه سبحانه وتعالى عليّ بالتيسير لأن نرى بوضوح صور الإعجاز من بديع ربط كلماته ، وترتيب آياته من بعد ما كان يعدّ من قبيل الألغاز ، فيظهر به أنها جوامع الكلمات ولوامع الآيات. فكل كلمة سلطان دارها وكل آية برهان جارها ، وإن ما توهم فيها من التكرار فمن قصور الأنظار العاجزة عن الاستكبار ، ولا بدّ منه لتوليد الفوائد الجمّة من العلوم المهمة ، وتقرير الأدلة القويمة وكشف الشّبه المدلهمة مأخوذة من تلك العبارات من غير تأويل لها ولا تطويل في إضمار المقدمات.
وبعد
نحمده حمدا كثيرا أن وفّقنا وساعدنا في إنجاز هذا المصحف الكريم مفسّرا وميسّرا للعامة والخاصة ، ولأبنائنا الناشئين ، وهم الأمل ، وعليهم معقد الرجاء في صحة الاعتقاد ، وعمق اليقين ، وصلابة الإيمان ، وحضانة الدين القويم ، وهم الأمل في أن يكونوا حصنه الحصين ، ودرعه المتين ، وتباشير الغد المشرق لنشر الإسلام ومبادئه ، بإذن اللّٰه.
هذا العمل اقتصر على تفسير اللفظة المبهمة غير الجارية على ألسنة الناس ، ولم نلجأ إلى التطويل والبحث في الظاهر واعتبار المعاني الحقيقية والمجازية ، يقول الإمام علي بن أبي طالب ، أمير المؤمنين ، عليه السّلام : «لو شئت لأوقرت سبعين بعيرا من تفسير فاتحة الكتاب» وإنما آثرنا الإيجاز كل الإيجاز ، لكنه غير المخل ، وآثرناه سهل التناول ، تستطيع العامة أن تتداوله وتنتفع به ، وقريب المأخذ ، بسيط العبارة ، متوازنا ، سلسا ، كامل التيسير.
وتصحيحا للفائدة وتسهيلا لها ، وتحقيقا للاستفادة المبسطة وللاستفادة السريعة والمباشرة